لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة ، وهو ابن سبع وعشرين سنة ، وعشرة أشهر، وعشرة أيام ، وبويع له وهو بخراسان.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا عمر بن حفص السدوسي ، حدّثنا محمّد بن يزيد قال : واستخلف عبد الله بن هارون المأمون في المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة ، وكنيته أبو العبّاس ، وقد سلم عليه بالخلافة قبل ذلك ببلاد خراسان نحو سنتين ، وخلع أهل خراسان وغيرهم محمّد بن هارون.
أخبرنا محمّد بن أحمد ابن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا محمّد ابن أحمد بن البراء قال : المأمون عبد الله بن الرّشيد وكنيته أبو جعفر. ولد بالياسرية ، ثم استخلف ، وبايع لعلي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وسماه الرّضى وطرح السواد وألبس الناس الخضرة ، فمات علي بسرخس ، وقدم المأمون بغداد في سنة أربع ـ يعني ومائتين ـ في صفر ، وطرح الخضرة ، وعاد إلى السواد ، وأمر المأمون في آخر عمره أن يكون أبو إسحاق أخوه الخليفة من بعده.
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ ، أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس ، حدّثنا ابن أبي الدّنيا قال : وكان المأمون أبيض ربعة حسن الوجه ، قد وخطه الشيب ، تعلوه صفرة ، أعين طويل اللحية رقيقها ، ضيق الجبين ، على خده خال ، يكنى أبا العبّاس ، أمه أم ولد يقال لها مراجل.
أخبرنا باي بن جعفر الجيلي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران ، أخبرنا محمّد بن يحيى قال : حدّثني يموت بن المزرع ، حدّثني عمرو بن بحر الجاحظ قال : كان المأمون أبيض يعلو لونه صفرة يسيرة ، وكان ساقاه من سائر جسده صفراوين حتى كأنهما طليتا بالزعفران.
أخبرني الأزهري ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : قال أبو محمّد اليزيدي : كنت أؤدب المأمون وهو في حجر سعيد الجوهريّ ، قال : فأتيته يوما وهو داخل ، فوجهت إليه بعض خدمه يعلمه بمكاني ، فأبطأ عليّ ، ثم وجهت إليه آخر فأبطأ ، فقلت لسعيد إن هذا الفتى ربما تشاغل بالبطالة وتأخر؟ قال : أجل ، ومع هذا إنه إذا فارقك يعرم (١) على خدمه ، ويلقون منه أذى شديدا ، فقومه
__________________
(١) يعرم : يشتد.