الدين ، فيتعين
الثالث ، فلا بدّ من تمييز ما هو حجة عن غيره ، والمتكفل لذلك هو علم الرجال ،
فإنه الباحث عن توفر شرائط الحجية ، من وثاقة الراوي أو عدالته وغيرها.
كما أنّ المتكفل
لأمر اساسي آخر وهو البحث عن مدى دلالته ، وحجية ظاهره وما يرتبط بذلك علم الاصول.
وأما من جهة
الإثبات ـ أي مع ملاحظة الدليل الشرعي ـ فدليلنا على ذلك يتلخص في أمرين ؛ ثبوت
المقتضي ، وعدم وجود المانع ، فيقع الكلام في مقامين :
الأول
: وهو ثبوت المقتضي
فنقول : إنّ السبيل لإثبات أكثر الأحكام الشرعية ينحصر في الطرق الظنية لندرة
تحصيل الأحكام عن طريق العلم ، وعمدة الطرق الظنية أخبار الآحاد ، وقد تقرّر أن
الظن بنفسه ليس بحجة لورود الآيات والروايات النّاهية عن اتباع الظن وان الظن لا
يغني من الحق شيئا ، فلا بد من التماس طريق آخر لإثبات حجية هذه الأخبار.
وقد أقام علماء
الاصول أدلة لاثبات حجيتها ، وعمدتها آية النبأ وهي قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ).
وتعرّضوا لدلالة
الآية نفيا وإثباتا ، وخلاصة ما قرروه : أن الآية مما يتمسّك بها على حجية خبر
العادل أو الخبر الواحد الّذي قامت قرينة أو دلالة على صحته.
كما أن الروايات
الواردة في المقام ، وسيرة المتشرعة ، وبناء العقلاء ، دلت على أنّ خبر الثقة
مما يعوّل عليه ، ويؤخذ به.
والنتيجة أنّ
أخبار الآحاد ـ وإن لم تفد العلم ـ قد ثبتت حجيتها بالأدلة
__________________