أبحاثنا الاصولية ـ
مفصلا ـ أنّ أقرب التعاريف الى الواقع ، ما يبيّن حقيقة الشّيء ، المعبّر عنه في
الاصطلاح بالحدّ ، وهو المشتمل على الجنس والفصل القريبين ، لا ما يكون من لوازم
الشيء وآثاره.
ومن المعلوم أن
حقيقة العلم عبارة عن موضوعاته ، ومحمولاته ، والنسب بينها فلا بد في التعريف من
بيان هذه الامور الثلاثة.
ولما كان موضوع
علم الرجال هو الرواة ومحموله أوصافهم واحوالهم ، ناسب ان يعرّف : بأنّه العلم
الباحث عن أحوال الرواة وأوصافهم من حيث الرواية ، والحيثية المذكورة لبيان أنّ
علم الرجال إنما يبحث عن الأحوال الدخيلة في اعتبار الرواية وعدمه لا مطلقا.
ومنه تبين ما هو
الحق في الموضوع.
واما غايته ـ وهي
أهم ما في المقدمة ـ فالبحث فيها من جهتين : ثبوتا واثباتا ؛ اما من جهة الثبوت ـ
أي مع قطع النظر عن الدليل الشرعي ـ فنقول :
إنّ علم الرجال هو
أحد الركائز التي تعتمد عليها عملية استنباط الأحكام الشرعية ، بل لا يمكن
الاستغناء عنه في استنباط الأحكام.
وبيان ذلك : أن
مدارك الأحكام الشرعية لا تخرج عن أربعة ، وهي :
الكتاب والسنّة
والاجماع والعقل ، وعمدتها الكتاب والسنّة.
اما الكتاب فهو
وان كان فيه تبيان كلّ شيء الّا أننا لا نستطيع معرفة خصوصيات الأحكام وجزئياتها
منه ، وأما السنة فإن كانت متواترة أو محفوفة بالقرينة فهي موجبة للعلم الّا أنّ
ما ورد من الروايات المتواترة ، في الاحكام قليل جدا لا يفي بالحاجة ، وان كانت
أخبار آحاد فإما أن تكون كلها حجة اولا حجية في شيء منها ، وإما أن يكون بعضها حجة
دون بعض.
أما الاول فباطل
لما سيأتي. وأما الثاني فباطل أيضا لاستلزامه الخروج عن