فقال. إذا قال : " أنه" فأنه يجعله كقولك : حقا أنه منطلق وإذا قال : أما إنّه" فأما" بمنزلة" ألا" كأنه قال : ألا أنه ذاهب.
وتقول : (أما والله أنه ذاهب) كأنك قلت : (علمت والله أنه ذاهب). و" أما والله أنه ذاهب" ، كأنك قلت : إلا أنه ذاهب وتقول قد عرفت أنه ذاهب ثم أنه يعجل لأن الآخر شريك الأول في : " عرفت". وتقول : قد عرفت أنه منطلق. ثم أني أخبرك أنه معجل" لأنك ابتدأت إني" ولم تجعل الكلام على : " عرفت".
وتقول : " رأيته شابا وأنه يفخر يومئذ" .. كأنك قلت : رأيته شابا وهذه حاله تقول هذا ابتداء. ولم تحمل الكلام على الفعل.
قال ساعدة بن جؤبة : (١)
رأته على شيب القذال وأنها |
|
تواقع بعلا مرّة وتئيم (٢) |
وزعم أبو الخطاب أنه قد سمع هذا البيت من أهله هكذا. وسألته عن قوله عزوجل : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ)(٣) ما مانعها أن تكون كقولك : ما يدريك أنه يفعل؟ فقال : لا يحسن ذلك في هذا الموضع إنما قال" وما يشعركم" ثم ابتداء فأوجب فقال : " إنها إذا جاءت لا يؤمنون : ولو قال : وما يشعركم أنها كان عذرا لهم.
وأهل الكوفة يقولون : " أنها" فقال الخليل : هي بمنزلة قول العرب : ائت السوق أنك تشتري لنا شيئا" أي لعلك" فكأنه قال : " لعلها إذا جاءت لا يؤمنون".
وتقول : أن لك على هذا وأنك لا تؤذي كأنك قلت : وإنّ لك أنك لا تؤذي.
وإن شئت ابتدأت ولم تحمل الكلام على : " إنّ لك" وقد قرئ هذا الحرف على وجهين :
قال بعضهم" وإنّك لا تظمأ فيها ولا تضحى" وقال بعضهم : " وأنك"
__________________
(١) هو ساعدة بن جؤبة الهذلي من بني كعب بن كاهل بن سعد من هذيل شاعر مخضرم أسلم.
الخزانة : ١ / ٤٧٦ ، العيني : ٢ / ٥٤٤.
(٢) البيت في ديوان الهذليين ١ / ٢٢٨ ، الأعلم : ١ / ٤٦٢ ، والقذال : مجمع الشعر في مؤخرة الرأس ، تئيم : تصير بلا زوج.
(٣) سورة الأنعام ، الآية : ١٠٩.