الحالف ؛ وعلى هذا قس جميع ما يرد عليه إن شاء الله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ، ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)(١) لتؤمنن به خبر وهو بمنزلة قولك :
لزيد لتضربنه ، وجعلوا اللام الواقعة على (ما) بمنزلة (أن) في :
... أن لو التقينا ... |
|
... (٢) |
وذلك أن (أن) يتلقى بها اليمين الواقعة على (ما) ، وإذا جعلت (ما) و (لا) للمجازاة في مثل قوله ـ عزوجل ـ : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها)(٣) فلا صلة لها ، فهي في موضع نصب يأتيكم ، والاعتماد في جواب القسم على اللام في قوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) [آل عمران : ٨١] ، وقد شرح ذلك قبل هذا الموضع بأتم مما هنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ)(٤) تأويله : ليظلّنّ ، لأن المجازاة مبنية على يمين ، وقد ذكرنا أنها إذا كانت كذلك فالقسم يعتمد على جواب الشرط ، وجواب الشرط إذا كان فعلا ، فهو فعل مستقبل ، فوجب الاستقبال لأنه مجازاة ، ووجبت له اللام لأنها جواب القسم ، فصار حق اللفظ ليظلّنّ ، ثم نقل إلى لفظ الماضي لأن حروف المجازاة تسوغ نقل لفظ الماضي إلى الاستقبال ، وكذلك نقل لفظ الفعل بعد (ما) التي للمضي ، وهو في معنى الاستقبال في قولك : لئن فعلت ، تريد : ما هو فاعل ، وما يفعل كيف كان كظلوّا في معنى ليظلّنّ ، وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ)(٥) اللام الأولى التي تدخل في اسم (إن) إذا قلت : إن في الدار لزيدا ، وفي خبرها إذا قلت : إن زيدا ليقوم ، ولا تدخل معها النون واللام الثانية ، وهي جواب قسم يقدر بعد اسم (إن) ، وقيل خبرها ، وذلك في نحو قولك : إن زيدا ليقومن ، كأنك قلت : إن زيدا والله ليقومن ، ولا تجتمع هاتان اللامان ، وإذا فرق بينهما جاز.
و (ما) هي زائدة للتوكيد ، وقد تقدم من كلامي أن قولهم : إن زيدا ليضرب وليذهب الأكثر في كلامهم أن يراد به الحال ، وقد يراد به المستقبل ، وذلك في قوله عز
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٨١.
(٢) جزء من بيت سبق تخريجه.
(٣) سورة فاطر ، الآية : ٢.
(٤) سورة الروم ، الآية : ٢.
(٥) سورة هود ، الآية : ٥١.