أن عامل المبتدأ هو الابتداء لا الخبر كما قال الكوفيون (١). ويهاجم رأى الكوفيين القائل بأن عندك فى مثل محمد عندك منصوب بالخلاف (٢) ، ويضعف رأيهم فى أن الأسم الواقع بعد لو لا يرتفع بها لنيابتها عن الفعل (٣) ، كما يضعّف رأيهم فى أنّ إن وأخواتها لا تعمل الرفع فى الخبر وإنما هو مرفوع على حاله قبل دخول إن وصواحبها (٤). وعلى هذا النحو لا يزال ابن يعيش يضعف آراء الكوفيين ويقوى آراء البصريين ، ويلقانا من حين إلى حين استحسانه لبعض آراء الكوفيين كاستحسانه تخريجهم لقراءة (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) على أن إن نافية واللام بمعنى إلا ، والتقدير ، ما هذان إلا ساحران ، يقول وهو تقدير حسن (٥).
وجوّز رأى الكسائى فى أن «حيث» قد تضاف إلى المفرد وقال إنها لغة كقول بعضهم «حيث لىّ العماثم» (٦). وذهب مع الفراء والزمخشرى إلى أن لو تأتى للتمنى وحينئذ تكون مصدرية مثل أن (٧) وكان يجوّز مع الكوفيين صرف ما لا ينصرف فى ضرورة الشعر (٨) وكان يستحسن رأى أبى على الفارسى فى أن المعطوف فى مثل قام محمد وعمر معمول لفعل محذوف من جنس الفعل الأول (٩) ، وكذلك رأيه فى أن اللام الداخلة أو اللازمة مع إن الملغاة فارقة بينها وبين إن النافية (١٠).
واحتج لرأيه فى أن إما فى مثل جاء إما على وإما عمر ليست عاطفة (١١). ولعلنا لا نبعد إذا قلنا إنه كان أكثر البغداديين المتأخرين انتصارا وحماسة للبصريين.
والرضىّ (١٢) الإسترابادى هو نجم الدين محمد بن الحسن ، مولده ومرباه فى إستراباد من أعمال طبرستان ، وليس بين أيدينا أخبار واضحة عن حياته ،
__________________
(١) ابن يعيش ١ / ٨٤ وما بعدها.
(٢) ابن يعيش ١ / ٩١ وقد قرر هنا مثل ابن جنى والفارسى أن الظرف هو الخبر نفسه لا المتعلق المحذوف.
(٣) ابن يعيش ١ / ٩٦.
(٤) ابن يعيش ١ / ١٠٢.
(٥) ابن يعيش ٣ / ٢٩.
(٦) ابن يعيش ٤ / ٩٠ وما بعدها.
(٧) ابن يعيش ٩ / ١١.
(٨) الأشباه والنظائر للسيوطى (طبعة حيدر آباد) ٢ / ٣٣ وقابل شرحه على المفصل ١ / ٦٨ وما بعدها.
(٩) ابن يعيش ٨ / ٨٩.
(١٠) ابن يعيش ٨ / ٧١ وانظر المغنى ص ٢٥٦.
(١١) ابن يعيش ٨ / ١٠٣.
(١٢) انظر فى الرضى شذرات الذهب ٥ / ٣٩٥ وخزانة الأدب للبغدادى ١ / ١٢ وبغية الوعاة ص ٢٤٨.