الفصل الثانى
الخليل
١
نشاطه العقلى والعلمى
هو الخليل (١) بن أحمد الفراهيدى البصرى ، عربى من أزدعمان ، ولد سنة مائة للهجرة ، وتوفى سنة مائة وخمس وسبعين ، ومنشؤه ومرباه وحياته فى البصرة ، وقد أخذ يختلف منذ نعومة أظفاره إلى حلقات المحدثين والفقهاء وعلماء اللغة والنحو ، وأكبّ إكبابا على حلقات أستاذيه عيسى بن عمر وأبى عمرو بن العلاء ، كما أكبّ على ما نقل من علوم الشعوب المستعربة ، وخاصة العلوم الرياضية ، وكان صديقا لابن المقفع مواطنه ، فقرأ كلّ ما ترجمه وخاصة منطق أرسططاليس ، كما قرأ ما ترجمه غيره من علم الإيقاع الموسيقى عند اليونان ، وحذق هذا العلم حذقا جعله يؤلف فيه كتابا كان الأصل الذى اعتمد عليه إسحق الموصلى فى تأليف كتابه الذى صنفه فى النغم واللحون.
وكان عقل الخليل من العقول الخصبة النادرة ، فهو لا يلم بعلم حتى يلتهمه التهاما ، بل حتى يستوعبه ويتمثله وينفذ منه إلى ما يفتح به أبوابه الموصدة ، وحقّا ما قاله ابن المقفع فيه من أن عقله كان أكثر من علمه ، وهو عقل جعله يتصل بكل علم ويحوز لنفسه منه كل ما يبتغى من ثراء فى التفكير ودقة فى الاستنباط ،
__________________
(١) انظر فى ترجمة الخليل أبا الطيب اللغوى ص ٢٧ والزبيدى ص ٤٣ والسيرافى ص ٣٨ ونزهة الألباء ص ٤٥ والأنساب للسمعانى الورقة ٤٢١ ومعجم الأدباء ١١ / ٧٢ ومقدمة تهذيب اللغة للأزهرى وابن خلكان فى الخليل وإنباه الرواة ١ / ٣٤١ وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٧٧ وتهذيب التهذيب ٣ / ١٦٣ وطبقات القراء لابن الجزرى ١ / ٢٧٥ وسرح العيون لابن نباتة (طبعة دار الفكر العربى) ص ٢٦٨ ومرآة الجنان ١ / ٣٦٢ وشذرات الذهب ١ / ٢٧٥ وروضات الجنات ص ٢٧٢ وبغية الوعاة ص ٢٤٣.