باسم التبيان فى شرح الديوان إليه ، لما يردد شارحه فيه من أنه كوفى وعلى مذهب الكوفيين (١).
ويعيش (٢) بن على بن يعيش موصلى الأصل حلبى الدار والمولد ، وكان مولده سنة ٥٥٦ وأقبل على تعلم العربية منذ نعومة أظفاره ، ورحل إلى بغداد ودمشق يتلقى عن الشيوخ ، وعاد إلى حلب فتصدّر الإقراء بها إلى أن توفّى سنة ٦٤٣ للهجرة. وصلته بالمدرسة البغدادية تتضح فى شرحه كتاب التصريف الملوكى لابن جنى. وأهم مصنفاته النحوية شرحه على مفصل الزمخشرى ، وهو مطبوع بالقاهرة فى عشرة مجلدات ، صنّفه ـ كما يقول فى مقدمته ـ فى سن السبعين ، وهو أشبه بدائرة معارف لآراء النحاة من بصريين وكوفيين وبغداديين ، حتى كأنه لم يترك مصنفا لعلم من أعلامهم إلا استوعبه وتمثل كل ما فيه من آراء تمثلا منقطع القرين. ويلقانا منذ الصفحات الأولى منتصرا للبصريين ، فقد انتصر لرأيهم فى أن الاسم مشتق من السمو لا من السمة كما قال الكوفيون (٣) ، ولا يلبث أن نراه يعرض آراء سيبويه والأخفش والجرمى والمازنى والكوفيين فى إعراب الأسماء الخمسة ، ويوهن فى صراحة آراء الكوفيين والمازنى والجرمى زاعما أنه خولف فى هذه الأسماء القياس بحذف لاماتها فى حال إفرادها ، لأنك إذا قلت أخ فأصله أخو وأب فأصله أبو ، والذى يدل على ذلك قولهم فى التثنية أبوان وأخوان ... وكان مقتضى القياس أن تقلب الواو فيها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، إلا أنهم حذفوها تخفيفا (٤).
ويعرض لرأى سيبويه والكسائى فى التنازع وما ذهب إليه الأول من أن فى ضربنى فى مثل ضربنى وضربت زيدا فاعلا مضمرا دل عليه مفعول ضربت ، وما ذهب إليه الكسائى من أن ضربنى لا فاعل لها ، بل فاعلها محذوف ، ويعلق على ذلك بأن رأى سيبويه هو الصحيح ويحتج له (٥). وينتصر لرأى البصريين فى
__________________
(١) انظر مقال مصطفى جواد فى الجزءين الأول والثانى من المجلد الثانى والعشرين من مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق.
(٢) راجع فى ترجمة ابن يعيش ابن خلكان ٢ / ٣٤١ وشذرات الذهب ٥ / ٢٢٨ وبغية الوعاة ص ٤١٩.
(٣) ابن يعيش على المفصل ١ / ٢٣.
(٤) ابن يعيش ١ / ٥٢.
(٥) ابن يعيش ١ / ٧٧.