ضرورة ، وذهب ابن مالك إلى أنه لغة (١) ، وذكر أن المضارع قد يجزم بعد لعل عند سقوط فاء السببية ، مستدلا بقول أحد الشعراء :
لعل التفاتا منك نحوى مقدّر |
|
يمل بك من بعد القساوة للرّحم (٢) |
وهو دائما على هذا النحو يذكر الشاذ ولا يقيس عليه كما يصنع الكوفيون ولا يعمد إلى تأويله كما يصنع البصريون كثيرا. وكان رائده دائما السماع فهو لا يدلى بحكم دون سماع يسنده. وكان عقله دقيقا ولم يستغله فى تمثل آراء السالفين من النحاة واستنباط الآراء الجديدة فحسب ، بل استغله أيضا فى تحرير مباحث النحو وأبوابه ومصطلحاته وتذليل مشاكله وصعابه
٤
أندلسيون متأخرون
ظلت الأندلس تتابع نشاطها النحوى فى القرن السابع الهجرى ، على الرغم من الخطوب التى تتابعت عليها ، إذ ما زال الإسبانيون المغيرون من الشمال يقتطعون منها مدينة إثر مدينة ، حتى لم يعد للعرب إلا رقعة ضيقة هى إمارة غرناطة التى ظلت صامدة لهم نحو قرنين ونصف. وظل يضطرم بها ـ وخاصة فى الحقب الأولى ـ غير قليل من النشاط النحوى ، ثم لم تلبث أن توقفت آلته الكبيرة بسبب هجرة النحاة إلى المغرب والمشرق واضطراب شئون هذه الإمارة الصغيرة.
ويلقانا فى القرن السابع الهجرى كثيرون من تلامذة الشلوبين ، ونكتفى بالحديث عن أهمهم ، وهم ابن الحاج وابن الضائع وابن أبى الربيع ، أما ابن الحاج (٣) فهو أبو العباس أحمد بن محمد الأزدى المتوفى سنة ٦٥١ وقد اشتهر بشروحه على كتاب سيبويه وإيضاح الفارسى وكتاب سر الصناعة لابن جنى ، وإيراداته على كتاب المقرّب لابن عصفور ومنها نقده عليه ما ذكره من مجىء «لو» للتعليق
__________________
(١) المغنى ص ٣٠٧.
(٢) المغنى ص ١٦٧. والرحم : الرحمة.
(٣) انظر فى ترجمته بغية الوعاة ص ١٥٦.