للإضراب مطلقا (١) ، كما تابعهما فى إعمال المصدر مضمرا فى الظرف مثل «قيامك أمس حسن ، وهو اليوم قبيح» فأعمل هو العائد على القيام فى اليوم (٢). وتابع الكوفيين فى أن حاش فى مثل «حاش لله» فعل ، بينما ذهب الجمهور إلى أنها اسم مرادف للبراءة من كذا (٣). وكان يتابع الكسائى وأستاذه أبا على فى أن خلا حين تتقدمها ما فى مثل قام القوم ما خلا زيدا ليس من الضرورى أن تكون فعلا حتما ، فقد يجوز الجرّ بها على تقدير ما زائدة (٤). وتابع الكوفيين فى جواز «ضرب غلامه محمدا» لمجىء ذلك فى النظم كثيرا مثل : «جزى ربّه عنى عدىّ ابن حاتم» ، وكان الجمهور يمنع ذلك لعود الضمير المتصل بالفاعل على متأخر لفظا ورتبة (٥). وكان يقف مع الكوفيين فى أن حذف خبر إنّ إنما يحسن إذا كان اسمها نكرة ، يقول تعليقا على قول الأعشى :
إنّ محلا وإن مرتحلا |
|
وإنّ فى السّفر إذ مضى مهلا |
«أراد : إن لنا محلا وإن لنا مرتحلا ، فحذف الخبر ، والكوفيون لا يجيزون حذف خبر إن إلا إذا كان اسمها نكرة ، ولهذا وجه حسن عندنا ، وإن كان أصحابنا (البصريون) يجيزونه مع المعرفة (٦). ومرّ بنا فى ترجمة الفراء أنه كان يضعّف قراءة ابن عامر : (وكذلك زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم) بالفصل بين المضاف وهو قتل والمضاف إليه وهو شركائهم بالمفعول به وأنه أنكر البيت الذى أنشده الأخفش دعما لذلك ، وهو قول بعض الشعراء فى وصف ناقته :
فزججتها بمزجّة |
|
زجّ القلوص أبى مزاده |
وقد خالفه فى ذلك جمهور الكوفيين مجوّزين الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به (٧) ، وانتصر لهم ابن جنى محتجا بقدرة الشاعر على أن يقول : زجّ القلوص أبو مزاده ، ويعلق على ذلك بقوله : «فى هذا البيت عندى دليل على قوة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم وأنه فى نفوسهم أقوى من أضافته إلى
__________________
(١) المغنى ص ٦٧.
(٢) الخصائص ٢ / ١٩.
(٣) المغنى ص ١٣٠.
(٤) المغنى ص ١٤٢.
(٥) الخصائص ١ / ٢٩٤ والهمع ١ / ٦٦.
(٦) المحتسب ١ / ٣٤٩.
(٧) الهمع ٢ / ٥٢.