بل أيضا من الجاهليين على نحو ما سنرى عند تلميذه عيسى بن عمر. ولم يؤثر عنه كتاب فى النحو ، وكأنه كان يكتفى بمحاضراته وإملاءاته على تلاميذه ، وكل ما أثر عنه كتاب فى الهمز كما أسلفنا ، ويبدو أنه عالج فيه مسألة رسمها حين توصل وحين تقطع وحين تسهّل وحين تدخل على همزة أخرى وحين تتصل بحروف العلة ، مما يتصل بالدقة فى كتابة الذكر الحكيم إذ كان من القرّاء النابهين فى موطنه.
عيسى (١) بن عمر الثقفى
بصرى من موالى آل خالد بن الوليد ، نزل فى ثقيف فنسب إليها ، وهو أهم تلاميذ ابن أبى إسحق ، وقد مضى على هديه يطرد القياس ويعممه ، ومن أقيسته ما حكاه سيبويه عنه من أنه كان يقيس النصب فى كلمة «يا مطرا» فى قول الأحوص :
سلام الله يا مطرا عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام |
على النصب فى كلمة «يا رجلا» وكأنه يجعل مطرا فى تنوينها ونصبها كالنكرة غير المقصودة (٢). وكان مثل ابن أبى إسحق يطعن على العرب الفصحاء إذا خالفوا القياس ، وكان يصعد فى هذا الطعن حتى العصر الجاهلى ، من ذلك تخطثته النابغة فى قوله :
فبتّ كأنى ساورتنى ضئيلة |
|
من الرّقش فى أنيابها السّم ناقع (٣) |
إذ جعل القافية مرفوعة ، وحقها أن تنصب على الحال لأن المبتدأ قبلها
__________________
(١) انظر فى ترجمة عيسى أبا الطيب اللغوى ص ٢١ والزبيدى ص ٣٥ والسيرافى ص ٣١ والفهرست ص ٦٨ ونزهة الألباء ص ٢١ ومعجم الأدباء ١٦ / ١٤٦ وابن الجزرى ١ / ٦١٣ وإنباه الرواة ٢ / ٣٧٤ ومرآة الجنان لليافعى ١ / ٣٠٧ وشذرات الذهب لابن العماد ١ / ٢٢٤ وبغية الوعاة ص ٢٧٠.
(٢) كتاب سيبويه ١ / ٣١٣ وانظر الموشح للمرزبانى ص ٤١.
(٣) ساورتنى : واثبتنى. ضئيلة : دقيقة ، ويريد أفعوانا. الرقش : الأفاعى التى تختلط فى جلدها نقط سوداء وبيضاء. ناقع : قاتل.