ألا أيهذا الزّاجرى أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى |
بنصب أحضر وحذف أن ، وإن كان جعل ذلك شاذّا وقال إن القياس الرفع (١). وقد تابع غيره من الكوفيين الكسائىّ وجعلوا ذلك قياسا مطردا (٢). وكان الفراء يذهب إلى أنه يجوز فى أن الناصبة للمضارع أن لا تعمل فيه النصب وأن يرفع بعدها على أن تكون مخففة من أن الثقيلة ، وبذلك وجّه قراءة : (وحسبوا أن لا تكون فتنة) برفع تكون ، وقول الشاعر :
إذا متّ فادفنّى إلى جنب كرمة |
|
تروّى عظامى بعد موتى عروقها |
ولا تدفننّى فى الفلاة فإننّى |
|
أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها |
برفع أذوقها (٣). وتبعه ثعلب فى أنها حينئذ لا تعمل النصب ، بل اتسع بذلك وقال إنها تهمل أحيانا ولا تكون مخففة من الثقيلة ، بل تكون مثل ما المصدرية التى تؤول مع الفعل بمصدر دون أن تعمل فيه ، ومثل لذلك بقول بعض الشعراء :
أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
منى السّلام وأن لا تخبرا أحدا (٤) |
وكان الكسائى والفراء يذهبان ـ كما أسلفنا ـ إلى أن أسماء المبالغة مثل فعّال وفعول لا تعمل النصب فيما بعدها لضعفها مخالفين بذلك سيبويه والبصريين ، ويقول ثعلب : «أنت زيدا ضروب» يأباه أصحابنا لأنه لا يتصرف ، ومثله مضراب وضرّاب أيضا وأهل البصرة يجيزونه» (٥).
وذهب الكسائى والفراء جميعا إلى جواز إبطال عمل إنّ إذا بعد عنها اسمها ، ونرى ثعلبا ينشد قول بدوية :
فليت ابن جوّاب من الناس حظّنا |
|
وأن لنا فى النار بعد خلود |
ويقول بعقبه : «وأن لنا فى النار بعد خلود» رفع على الاستئناف ، وحكى
__________________
(١) المجالس ص ٣٨٣.
(٢) الإنصاف المسألة رقم ٧٧.
(٣) معانى القرآن ١ / ١٤٦ وانظر ١ / ٢١٣.
(٤) المجالس ص ٣٩ وانظر الخصائص لابن جنى طبع دار الكتب المصرية ١ / ٣٩٠.
(٥) المجالس ص ٢٣٦ وانظر ص ١٥٠.