قوله بأنهما يبنيان فى النداء (١). ومر بنا أن سيبويه ذهب إلى أن فاعل خلا وعدا إذا نصبا ما بعدهما فى الاستثناء ضمير مستكن فى الفعل لا يبرز ، عائد على البعض المفهوم من الكلام ، ولذلك لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث لأنه عائد على مفرد مذكر ، والتقدير فى مثل قام القوم خلا زيدا خلا هو أى بعضهم زيدا ، وذهب المبرد إلى أنه عائد على «من» المفهوم من معنى الكلام المتقدم ، فإذا قلت قام القوم علم المخاطب وحصل فى نفسه أن زيدا بعض من قام ، فإذا قلت عدا زيدا كان التقدير عدا هو أى عدا من قام زيدا (٢). وكان سيبويه يذهب إلى أنه لا يجوز الجمع بين فاعل نعم وبئس وتمييزه ، فلا يقال نعم الرجل رجلا محمد ، وذهب المبرد إلى جواز ذلك ، لوروده فى أشعار العرب مثل :
تزوّد مثل زاد أبيك فينا |
|
فنعم الزّاد زاد أبيك زادا |
وقول آخر :
نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت |
|
ردّ التحية نطقا أو بإيماء |
وقيل إن زادا فى البيت الأول إنما هى معمولة لتزوّد فى أول البيت ، وهى إما مفعول مطلق إن أريد بها التزود ، وإما مفعول به إن أريد بها الشىء الذى يتزوده من أعمال البرّ. وقيل إن فتاة فى البيت الثانى حال مؤكدة (٣). ورأى المبرد أدق وأصح. ومرّ بنا أن سيبويه كان يعرب ركضا فى مثل جاء ركضا حال مؤول بالمشتق ، فتأويله راكضا ، وكان الأخفش يعربه مفعولا مطلقا لفعل محذوف من صيغته أى جاء يركض ركضا ، أما المبرد فكان يعربه مفعولا مطلقا دالا على نوع الفعل أى دون حاجة إلى تقدير فعل عامل فيه كما ذهب الأخفش (٤). وكان سيبويه يرى أن إذما الشرطية حرف مثل إن ، أما هو فكان يراها ظرفا مثل إذ وإذا (٥). وذهب الأخفش ـ كما قدمنا فى غير هذا الموضع ـ إلى أن إذا الفجائية حرف ، وذهب المبرد إلى أنها ظرف مكان ، وتكون خبرا
__________________
(١) الهمع ١ / ١٤٦.
(٢) الهمع ١ / ٦٢.
(٣) المغنى ص ٥١٦ والهمع ١ / ٨٦.
(٤) الهمع ١ / ٢٣٨.
(٥) المغنى ص ٩٢.