وإنما ينصبه عامل لفظى ، ولذلك قدر فى صيغتيه المسموعتين : «ما أنت وزيدا» و «كيف أنت وزيدا» أنهما على تقدير «ما كنت وزيدا» و «كيف تكون وزيدا» وذهب المبرد إلى أنه يجوز فى العبارتين تقدير كان التامة ماضية أو مستقبلة ، أى لا داعى للتقيد فى المثال الأول بكان الماضية وفى المثال الثانى بتكون المستقبلة. ورد ابن ولاد على المبرد فقال إنه لا يجوز إلا ما قدّره سيبويه لأن ما فى المثال الأول دخلها معنى التحقير والإنكار ، فهو إنما يقال لمن أنكر على شخص مخالطة زيد أو ملابسته ، ولا ينكر إلا ما ثبت واستقر ، أما ما لم يثبت ولم يستقر فليس محلا لإنكار ، وأما كيف فعلى بابها من الاستفهام ، والمعنى كيف تكون إذا وقعت ملابستك لزيد فى المستقبل (١).
وعلى نحو ما تكثر آراؤه فى العوامل المحذوفة والمضمرة والملفوظة تكثر آراؤه فى المعمولات ، من ذلك أن الأخفش كان يجوّز فى «غير» فى مثل «أخذت عشرة كتب ليس غير» الرفع والنصب مع حذف التنوين لانتظار المضاف إليه ، أى أنه كان يرى أنها معربة وليست مبنية ، وعلى الرفع يكون خبر ليس محذوفا وعلى النصب يكون اسمها مضمرا ، أى ليس المأخوذ غير ذلك فى المثال المذكور. وأبى المبرد إلا رفع غير على أن رفعها ضمة بناء لا إعراب ، وأن غير شبّهت بقبل وبعد ، وعلى هذا يحتمل أن تكون اسما لليس أو خبرا لها ، أى على حذف الخبر أو على إضمار الاسم فى ليس (٢). وكان الأخفش يذهب ـ كما مر بنا ـ إلى أن مذ ومنذ حين يليهما اسم مرفوع مثل مذيوم الخميس ومنذ يومان يكونان ظرفين مخبر بهما عما بعدهما ، وذهب المبرد إلى أنهما فى المثالين المذكورين مبتدآن وما بعدهما خبر ، ومعناهما الأمد إن كان الزمان حاضرا أو معدودا وأول المدة إن كان ماضيا (٣). وكان جمهور البصريين يذهب قبله إلى أن اسم لا النافية للجنس إذا كان مثنى أو جمع مذكر ركّب معها وبنى ، كما بنى مفردها ، وذهب المبرد إلى أن اسمها حينئذ يكون معربا لأنه لم يعهد فيهما التركيب مع شىء آخر ، وقال إنه لا يوجد فى كلام العرب مثنى وجمع مبنيان ، ونقض
__________________
(١) الهمع ١ / ٢٢١.
(٢) المغنى ص ١٧١ والهمع ١ / ٢١٠.
(٣) المغنى ص ٣٧٣.