وأوّل الجمهور ذلك على حذف الخبر (١). وكان سيبويه لا يجيز زيادة الواو فى الكلام ، وكان الأخفش يجيز ذلك وتبعه فيه الكوفيون ، وكان يمثّل لرأيه بقوله تعالى (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) ، (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ) وأوّل الجمهور مثل ذلك على أن الواو عاطفة وجواب إذا ولما محذوف. (٢) وكان سيبويه يذهب إلى أن ما فى مثل «ما أحسن السماء» وغيرها من صيغ التعجب نكرة تامة مبتدأ والجملة الفعلية بعدها خبر ، وذهب الأخفش مذهبين فى توجيه «ما» أولهما أنها اسم موصول وما بعدها صلة لا محل لها من الإعراب ، والثانى أنها نكرة موصوفة والجملة بعدها فى موضع رفع نعت لها ، وعليهما خبر المبتدأ محذوف تقديره شىء عظيم ونحوه (٣). ولم يكن سيبويه يجوّز زيادة الباء فى الخبر الموجب مثل زيد بقائم أى زيد قائم وجوّز ذلك الأخفش مستدلا بقوله تعالى : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) وعند الجمهور أن الخبر محذوف تقديره واقع (٤).
وكان سيبويه ـ كما قدمنا ـ يرى أن لات تعمل عمل ليس ويليها إما الاسم مرفوعا وإما الخبر منصوبا وهو دائما الحين مثل (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ومع الرفع يكون الخبر محذوفا ومع النصب يكون اسمها محذوفا ، وذهب الأخفش إلى أنها غير عاملة ، وقال إذا تلاها مرفوع أعرب مبتدأ والخبر محذوف ، وإذا تلاها منصوب أعرب مفعولا به على تقدير فعل محذوف ، وقدّره فى الآية الكريمة : ولات أرى حين مناص (٥). وذهب سيبويه إلى أن عسى فى مثل «عساى وعساك وعساه» أجريت مجرى لعل فى نصب الاسم ورفع الخبر كما أجريت لعل مجراها فى جواز اقتران خبرها بأن فى مثل لعل محمدا أن يقوم ، وذهب الأخفش إلى أن عسى فى الأمثلة المذكورة لا تزال عاملة عمل كاد وأخواتها ، أى أنه لا يزال يليها اسمها المرفوع ، وكل ما فى الأمر أنه استعير ضمير النصب لضمير الرفع ، كما استعير له ضمير الجر فى لولاى ولولاه (٦). وكان سيبويه يرى أن كيف ظرف دائما فموضعها عنده النصب ، وكان الأخفش يرى أنها ليست ظرفا ، وإنما هى
__________________
(١) الهمع ١ / ١١٦.
(٢) المغنى ص ٤٠٠ والهمع ٢ / ١٣٠.
(٣) المغنى ص ٣٢٩.
(٤) الهمع ١ / ١٢٧.
(٥) المغنى ص ٢٨١ والهمع ١ / ١٢٦.
(٦) المغنى ص ١٦٤ وابن يعيش ٣ / ١٢٢.