كم ليلة شردوا بإكرامه وحشتي ، وشيدوا بإنعامهم حرمتي ،
واسمعوني مناجاة أسحارهم ، وأمتعوني بإيداع أسرارهم؟
وكم يوم عمروا ربعي بمحافلهم ، وعطروا
طبعي بفضائلهم ، وأورقوا عودي بماء عهودهم ، وأذهبوا نحوسي بنماء سعودهم؟
وكم غرسوا لي من المناقب ، وحرسوا محلي
من النوائب؟
وكم أصبحت بهم أتشرف على المنازل
والقصور ، وأميس في ثوب الجذل والسرور؟
وكم أعاشوا في شعابي من أموات الدهور ،
وكم انتاشوا على أعتابي من رفات
المحذور.
فقصدني فيهم سهم الحمام ، وحسدني عليهم
حكم الأيام ، فأصبحوا غرباء بين الأعداء ، وغرضاً لسهام الإعتداء ، وأصبحت المكارم
تقطع بقطع أناملهم ، والمناقب تشكو لفقد شمائلهم ، والمحاسن تزول بزوال أعضائهم ،
والأحكام تنوح لوحشة أرجائهم.
فيالله من ورع أريق دمه في تلك الحروب ،
وكمال نكس علمه بتلك الخطوب.
ولئن عدمت مساعدة أهل المعقول ، وخذلني
عند المصاب جهل العقول ، فإن لي مسعداً من السنن الدارسة والأعلام الطامسة ، فإنها
تندب كندبي وتجد مثل وجدي وكربي.
فلو سمعتم كيف ينوح عليهم لسان حال
الصلوات ، ويحن إليهم إنسان
__________________