« والله لو كان ساعة من نهار لاجتهدت فيها رأيي
، ولا وليّتُ هؤلاء ، ولا مثلهم يُولى ... لا أدّهن في ديني ، ولا أعطي الدني من
أمري ».
وكذلك أشار عبد الله بن عباس بمثل هذا «
أبقه شهراً وأعزله دهراً ».
فأبى الإمام ذلك وقال بما معناه : عليك
أن تشير وعليّ أن أرى ، فإذا عصيتك فأطعني. فقال ابن عباس : « إن أيسر حالك عندي
الطاعة ».
وكان عليٌّ عليهالسلام صاحب حق وصاحب دين ، فلا يداخل أحداً
في دينه ، ولا يتنازل أبداً عن حقه ، فدعا إليه وجوه الناس وفيهم طلحة والزبير ،
وجملة المهاجرين والأنصار ، فأخبرهم بما عليه معاوية ، من خلع الطاعة ومفارقة
الجماعة ، وانبأهم أن الحل يتحدد بمقاومته عسكرياً قبل أن تستشري الفتنة ، وعلم
الناس رأي الإمام ، وعلموا أيضاً أنها الحرب ، وآخر الدواء الكي.
وكان طلحة والزبير يقدّران أن الإمام
سيوليهما على بعض الأقاليم ، وأنه محتاج إليهما ، أو يستدفع خطرهما ، لأنهما من
أصحاب الشورى ، وهما قد أسلما عثمان وخذلاه ، بل أعانا عليه وألبا حتى قتل ، وهما
قد أقبلا على بيعة الإمام طائعين ، وأول يد بايعته يد طلحة وكانت جذاء ، وتشاءم الناس
من ذلك ، وكان الأمر كذلك.
صرح طلحة والزبير للإمام بطلب الولاية
على المصرين : الكوفة والبصرة ، فأبى عليهما الإمام ، وتلطف بهما برفق ، وقال :
« أحب أن تكونا معي أتجمل بكما ، فإني
أستوحش لفراقكما ».