نعم هناك آيات بالخصوص دالّة على عصمته من العصيان ومصونيته من الخطأ ، كما أنّ هناك آيات وردت في حقه وقعت ذريعة لمنكري العصمة ، ولأجل ذلك أفردنا بحثاً خاصاً في هذا المقام لنوفيه حقه.
أمّا ما يدل على عصمته من العصيان والخلاف ، فيكفي في ذلك قوله سبحانه : ( وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) (١).
وقد ذكر المفسرون أسباباً لنزولها بما لا يناسب ساحة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أوضحها ما ذكره الطبرسي في مجمعه : أنّ المشركين قالوا له : كف عن شتم آلهتنا ، وتسفيه أحلامنا ، واطرد هؤلاء العبيد والسقاط الذين رائحتهم رائحة الصنان (٢) حتى نجالسك ونسمع منك ، فطمع في إسلامهم ، فنزلت الآية (٣).
ولتوضيح مفاد الآيات نبحث عن أُمور :
١. أنّ الآيات كما سنرى تشير إلى عصمته ، ومع ذلك استدلت المخطّئة بها على خلافها ، وهذا من عجائب الأُمور ، إذ لا غرو في أنّ تتمسك كل فرقة بقسم من الآيات على ما تتبنّاه ، وإنّما العجب أن تقع آية واحدة مطرحاً لكلتا الفرقتين ، فيفسرها كلٌّ حسب ما يتوخّاه ، مع أنّ الآية لا تتحمل إلاّ معنى واحداً لا معنيين متخالفين.
٢. انّ الضمير في كلا الفعلين ( كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ) يرجع إلى المشركين ،
__________________
(١) الإسراء : ٧٣ ـ ٧٥.
(٢) الصنان : نتن الإبط.
(٣) مجمع البيان : ٣ / ٤٣١.