البحث عن آدم وحواء إذ : ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ) (١).
٤. وأمّا قوله سبحانه : ( فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) ، فالمراد من الضلال هو الغفلة عمّا يترتب على العمل من العاقبة الوخيمة ، ونسيانها ، وليس ذلك أمراً غريباً ، فقد استعمل في هذين المعنيين في الذكر الحكيم ، قال سبحانه : ( مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَىٰ ) (٢) ، فالمراد نسيان أحد الشاهدين وغفلته عما شهد به ، وقال سبحانه : ( أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) (٣) ، أي إذا غبنا فيها.
قال في لسان العرب : الضلال : النسيان وفي التنزيل : ( مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَىٰ ) أي يغيب عن حفظها ، ومنه قوله تعالى : ( فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) وضللت الشيء : أنسيته. وأصل الضلال : الغيبوبة يقال ضل الماء في اللبن إذا غاب ، ومنه قوله تعالى : ( أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) (٤).
وعلى الجملة : إنّ كليم الله يعترف بتلك الجملة عندما اعترض عليه فرعون بقوله : ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) ويعتذر عنها بقوله : ( فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) ، والمناسب لمقام الاعتذار هو تفسير الضلال بالغفلة عمّا يترتب على العمل من النتائج ونسيانها.
__________________
(١) الأعراف : ٢٣.
(٢) البقرة : ٢٨٢.
(٣) السجدة : ١٠.
(٤) لسان العرب : ١١ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، مادة « ضل ».