فقال سلمان : إنما جئت من حيث جئتم .
فقالوا : فأين آثار أقدامك ؟
فقال : إني لمّا رأيت أقدام أمير المؤمنين عليهالسلام وضعت أقدامي عليها لأني أعلم انه لا يضع قدماً ولا يرفعها إلّا بحكمة وعلم .
هكذا يعرف سلمان مولاه وهكذا يقتفي أثره ، فمعرفة سلمان بالإمام معرفة جمالية .
وهناك معرفة أُخرى لأمير المؤمنين والإمام الحسين عليهالسلام وهي المعرفة الكمالية ، وهذه منحصرة بالله تعالى ورسوله حيث صرّح بذلك النبي صلىاللهعليهوآله بقوله : « يا عليّ ما عرفك إلّا الله وأنا » .
والسبب واضح وهو أنه لا يعرف حقيقة الولي والحجة وباطن أمير المؤمنين إلّا من كان محيطاً بذلك تمام الاحاطة .
فعلى هذا الكلام تكون معرفتنا نحن بالأئمة عليهمالسلام عرفة جماليّة لا كماليّة ، فكلّما ازدادت معرفتنا بهم زاد حبُّنا لهم ، وإذا زدنا حباً زدنا أدباً ، ومن خلال الأدب والحب نزداد علماً ونوراً في ساحتهم وروضتهم ، لأن العلم ليس بكثرة التعلم وإنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء .
وقال النبي عيسى عليهالسلام : ليس العلم في السماء حتى ينزل إليكم ولا في الأرض فيخرج لكم وإنما هو في قلوبكم ، فتخلّقوا باخلاق الرّوحانيين يظهر لكم » .
وهو نظير قول النبي صلىاللهعليهوآله : « من اخلص لله أربعين يوماً تنفجر ينابيع الحكمة في قلبه » .
فلابد للإنسان الذي يريد الترقّي في سُلَّم الكمال من المعرفة فإن الفضل بالمعرفة « افضلكم افضلكم معرفة » وهي التي تقود إلى العبادة الحقة الخالصة ، ومن هنا صار نوم العالم أفضل من قيام الجاهل لأن قيمة الإنسان بالمعرفة .