ثم إنّ هاهنا أسئلة حول مفاد الآية طرحها بعض من لا إلمام له بتفسير كلام الله وتوضيح سنة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونحن نوردها هنا مع الإجابة عليها :
لو أراد الله سبحانه من الآية مودّة القربى لقال : إلاّ مودّة أقربائه ، أو المودّة للقربى.
الجواب : انّ السائل توهم أنّ « القربى » جمع « القريب » أو « الأقرب » فقال لو أراد مودة أقربائه لقال كذا وكذا ، ولكنّه غفل عن أنّ القربى مصدر كزلفى وبشرى كما قال الزمخشري في كشّافه ، ولأجل ذلك لم يستعمل في القرآن إلاّ مع المضاف كقوله « ذي القربى » و « ذوي القربى » و « أُولي القربى » مشيراً إلى صاحب القرابة الرحمية ، وأمّا في مورد الآية فقد استعمل بلفظة « في القربى » بحذف المضاف من الأهل وغيره.
قال الزمخشري في كشافه : فإن قلت فهلا قيل إلاّ مودة القربى ، أو إلاّ المودة للقربى ، وما معنى قوله : ( إِلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) ، قلت : جعلوا مكاناً للمودة ومقراً لها كقولك : « لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحب شديد » تريد أحبهم وهم مكان حبي ، ومحله ، وليست « في » بصلة للمودة كاللام إذا قلت « إلاّ المودة للقربى » ، إنّما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك ، المال في الكيس ، وتقديره إلاّ المودة ثابتة في القربى ، ومتمكنة فيه « والقربى » مصدر بمعنى القرابة كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة والمراد « في أهل القربى » (١).
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ٨١ ، ط مصر عام ١٣٦٧.