ويقرأ عليه كلام ربّه أو يلقي في روعه يسمّى رسالة ، والإنسان الحامل رسولاً ، وأمّا ما يفاض إليه بغير الطريق المذكور يسمى نبوة والإنسان العالم بهذا الطريق نبياً ».
فانّه ينقض عليه : بأنّ كل ما ذكره ، وإن كان مؤيداً ببعض المأثورات لكنّه خارج عن حقيقة معنى النبوة والرسالة حسب الوضع اللغوي ، ولم يثبت انّ للقرآن اصطلاحاً خاصاً أو حقيقة شرعية في إطلاق اللفظين واستعمالهما ، والظاهر أنّ القرآن جرى في إطلاقه واستعماله مجرى المألوف بين أهل اللسان ، ولم يجئ في المقام باصطلاح خاص.
وعلى ذلك فكل ما ذكروه من الفروق ، من أنّ الرسول هو من نزل عليه كتاب أو أتى بشريعة جديدة ، أو خصوص من كان مأموراً بالتبليغ من الله ، أو من يتلقى الوحي عن رسل السماء والملائكة ، وانّ النبي على خلافه ، فلا يشترط فيه نزول الكتاب أو مجيئه بشريعة جديدة ، أو كونه مأموراً بالتبليغ من الله أو غير ذلك ، كلّها على فرض صحتها ، خارجة عن صلب معناهما ، إذ لا يدل اللفظان على واحد منها أصلاً.
وبذلك يظهر أنّ الرسول وان كان يجب إطاعته فيما يأمر وينهي ، لقوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) (١) أو أنّه وإن كان يتم الحجة على عباده سبحانه ، بحيث تستتبع مخالفته هلاكاً وعذاباً ، لقوله سبحانه : ( لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٢) غير انّ ذلك لا يستلزم دخول لزوم الإطاعة وإتمام الحجة في صلب معنى الرسول ، فإنّ وزان قوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) وزان قوله سبحانه : ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ
__________________
(١) النساء : ٦٤.
(٢) النساء : ١٦٥.