الناس عن طريق الأنبياء والرسل ، فالهادي هو الله سبحانه لكن عن طريق أنبيائه ورسله ، وقضت مشيئته الحكيمة بهذا ، قال سبحانه : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) (١) ترى أنّه سبحانه يجري فعله أي الحكم بالحق عن طريق بعث النبيين كيف والقرآن المجيد يصدق هذا النظام السائد في الأمور المعنوية والمادية قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ ) (٢).
فإنّ المراد من الوسيلة ما يتوسل به إلى الشيء والآية تدعو إلى الإتيان بالقربات والقيام بالوظائف التي يتوسل بها الإنسان إلى مرضاته ورضوانه.
وإذا كانت هذه الآية تدعو إلى ابتغاء الوسيلة بشكل عام من دون أن تعيّن شخص الوسيلة ، فقد قامت الآيات الأخر بتعيين الوسائل التي تتحصّل معها مغفرته ورضوانه ، ويكتسب بها عفوه وغفرانه ، قال سبحانه : ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ) (٣) ترى أنّه سبحانه يأمر نبيه بأن يصلّي عليهم حتى تنزل عليهم السكينة التي هي فعله سبحانه ولطفه ، فالسكينة تصل إليهم عن طريق سببه وهو دعاء النبي ، وقال سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيماً ) (٤) ترى أنّ الآية تدعو المجرمين والعصاة إلى ابتغاء الوسيلة للوصول إلى غفرانه وهو دعاء النبي واستغفاره في حقهم ، وليست هذه سنّة مخصوصة بالأمّة الإسلامية ، بل جرت عليها مشيئته في الأمم السابقة حيث نرى أنّ أبناء يعقوب عندما شعروا بالإثم
__________________
(١) البقرة : ٢١٣.
(٢) المائدة : ٣٥.
(٣) التوبة : ١٠٣.
(٤) النساء : ١٤.