واعلم أن الحروف تنقسم ثلاثة أقسام : قسم يختص بالاسم ، وقسم يختص بالفعل ، وقسم يدخل عليهما (١) : فأما ما يختص بالاسم ولا يكون كجزء منه ولا بد أن يعمل فيه ، فنحو : إنّ وأخواتها ، وحروف الجر وما أشبه ذلك.
وأما ما يختص بالفعل ولا يكون كجزء منه ولا بد أيضا من عمله فيه فنحو : أن ولن وما أشبه ذلك.
وأما ما يدخل عليهما ولا يعمل شيئا فنحو حروف الاستفهام وحروف العطف وما أشبهها.
فإن قال قائل : فالألف واللام يختص بالاسم ولا يعمل فيه وكذلك (السين وسوف) قد يختص بالفعل ولا يعمل فيه (٢)؟.
قيل له : قد أخبرنا في الأصل بأن قلنا : إن العامل من الحروف ما لزم الاسم ، والفعل ولم يكن كجزء منه ألا ترى أنها تحدث في الاسم النكرة تعريفا ، والتعريف قد يصح في النكرات لمواطأة المخاطبين ، فدلّ أن ليس لها زيادة حكم الاسم لأنها إنما تدخل لتعيينه ، وكذلك (السين وسوف) تعيّن الأفعال التي كان منها [ما](٣) يحتمل الحال والاستقبال ، وإنما عينت بهما ذات الفعل الذي كان يصح أن يفهم تخصيصه بغيرهما ، وكذلك (قد) إنما هي لتوقع ذات الفعل ، فلم تدل على أكثر ما تحتمله نفس الفعل فجرت مجرى بعض حروفه ، فلهذا لم تعمل شيئا وفارقت سائر العوامل ، وإنما وجب أن يكون ما دخل على الاسم مرة وعلى الفعل مرة لا يعمل شيئا لأن الأفعال نوع مخالف لنوع الأسماء فيجب أن يكون عاملها مختلفا ، فإذا اتفق دخول الحرف عليها ولم يختص أحدهما دون الآخر لم يجز أن يعمل فيها ، لأن ذلك يؤدي أن يصير
__________________
(١) للتفصيل انظر الأصول ١ / ٥٤ ـ ٥٥.
(٢) انظر الأصول : ١ / ٥٦ ، فقد أثار ابن السّراج التساؤل نفسه ، وأجاب عنه.
(٣) زيادة ليست في الأصل. يقتضيها السياق.