والأصل : علابط وهدابد ، لأنهم يستعملون الوجهين جميعا بمعنى واحد فعلم أنهم خففوا
اللفظة لطولها حتى صارت : علبط ، وهدبد ، وكذلك ضربني جاز أن يجتمع فيه أربع حركات متواليات لأن
المفعول لا يلزم الفعل فلم يعتبروا بتوالي الحركات إذ كانت غير لوازم ، فإذا صح
أنه ليس في كلامهم ما ذكرنا لم يجز تبقية الضاد في تضرب على حركتها. فإن قال قائل
: لم صارت أولى بالإسكان؟
قيل : لأن
الأول لا يجوز إسكانه لأنه ابتداء بساكن ، ولا يجوز إسكان آخر الفعل لأن ذلك يوجب
بناءه وقد حصل مستحقا للإعراب بالمضارعة للاسم ، فلم يبق إلا الضاد ، والراء عين
الفعل وبها يعرف اختلاط الأفعال مما هو على : فعل ، أو فعل ، أو فعل فلما كان
الإسكان في الراء يوجب لبسا لم تسكن ، ولم يبق إلا الضاد ، فلهذا صارت بالإسكان
أولى ، فأما يدحرج فلم يعرض فيه توالي أربع حركات وجاء على الأصل.
فإن قال قائل :
أليس أكرم على وزن دحرج ، والمضارع بإسكان الثاني من أكرم خلافا لدحرج فما وجه ذلك؟
قيل له : الأصل
في يكرم : يؤكرم كما تقول : يدحرج ولكن الهمزة حذفت ، والسبب في حذفها أن المتكلم
لو أخبر عن نفسه لزمه أن يقول : أنا أأكرم ، فتلتقي همزتان زائدتان ، وذلك مستثقل
، وقد وجدناهم يحذفون الهمزة الأصلية استثقالا لها كقولك : خذ وكل ، والأصل أخذ
وأكل ، لأنه من أخذ وأكل ، فكان حذف الزائد أولى مع ما فيه من الاستثقال فوجب أن
تحذف الهمزة.
__________________