قدرنا مؤنثا لم ينصرف ، وكذلك ما غلب عليه في كلامهم التأنيث جاز أن يذكر على أنه يراد بذلك الاسم المكان والبلد فيصرف وإنما ساغ تذكير ما ذكرنا منها لأنها كثيرة في كلامهم إذ كانت أماكن (١) قريبة من العرب نحو : حراء وقباء (٢) وما أشبه ذلك ، فأما واسط (٣) فإنما غلب عليه التذكير لهذا المعنى.
فإن قال قائل : لم صار الغالب على البلدان التأنيث؟
قيل له : قد لحقها نقص من جهة المعنى وذلك أن الأرض بأسرها تسمى أرضا ومكانا وليس كذلك حكم الجمل ألا ترى أن بعض الأسماء لا تسمى (٤) باسم جملة فلما نقصت الأماكن عن حكم الأسماء صارت مضارعة للتأنيث إذ كان التأنيث أنقص حكما من حكم التذكير.
ووجه آخر : أن البلد لما كان اسما لأماكن كثيرة فشابه الجمع إذ كان مشتملا أشخاصا (٥) كثيرة ، فمن حيث أنث الجمع أنث أسماء البلدان.
ووجه ثالث : أن البلد لما خص بنية مخصوصة تخالف بها غيره من البلدان جرى مجرى الدار إذ كانت الدار والبلد إنما يحتاج إليها للإقامة فيهما والسكنى ،
__________________
(١) في الأصل : أمكان.
(٢) حراء : جبل بمكة ، فيه غار تحنث فيه النبي صلىاللهعليهوسلم ، القاموس (حرى).
وقباء بالضم موضع قرب المدينة وموضع بين مكة والبصرة ، القاموس (قبو).
وللتفصيل انظر معجم البلدان ٢ / ٢٣٣ ـ ٤ / ٣٠١.
واسط : في عدة مواضع : أولها واسط الحجاج لأنه أعظمها وأشهرها ... فأما تسميتها فلأنها متوسطة بين البصرة والكوفة ...
قال ياقوت : وأخبرني أبو الندى ، قال إن للعرب سبعة أواسط : واسط نجد ، وواسط الحجاز ، وواسط الجزيرة ، وواسط اليمامة ، وواسط العراق ، قال : وقد نسيت اثنتين.
انظر معجم البلدان ٥ / ٣٤٧ ـ ٣٥٣.
(٣) في الأصل : تسم.
(٤) في الأصل : أشخاص.