تقول : أيهما عندك؟ فلو قلت : أزيد عندك أم عمرو عندك؟ لكان هذا الكلام سؤالين ، ولم تكن (أم) مع الألف بمنزلة (أي) ، ألا ترى أنك لو جمعت الاسمين إلى جنب (أي) لصار اللفظ : أيهما عندك؟ فيكون الظرفان من غير فائدة وتكريرهما على هذا السبيل فاسد ، فلا يصير بمنزلة (أي) وصار السؤالان (١) مفردين وكذلك / إذا كان قبل الاستفهام ألف فهو سؤال مبتدأ فيها إضراب عما قبلها خبرا كان أو استفهاما فلهذا شبهوها ب (بل) فيها إضرابا (٢) عما قبلها ، وأما (أم) فهي وإن دخلها معنى الإضراب عما قبلها فمعنى الاستفهام حاصل ، وتخالف الألف من جهة أن الألف مبتدأ بها في الاستفهام ، كقولك : أزيد عندك؟ و (أم) (٣) لا يبتدأ بها ؛ لأنها قد أدخلت بعد الألف عاطفة ما بعدها على ما يلي الألف ، فلما أدخل (أم) في حروف العطف وحروف العطف لا يبتدأ بها لم يجز الابتداء بها لما ذكرناه.
واعلم أن (أم) دخلها معنى التسوية بين الشيئين في الجهالة ، نحو قولك : زيد عندك أم عمرو ، فلما ساغ فيها هذا المعنى جاز أن يستعار في كل موضع أردنا فيه التسوية بين الشيئين كقولك : قد علمت أزيد عندك أم عمرو ، فمعنى هذا الكلام خبر ولفظه استفهام ، وإنما دخل الاستفهام هاهنا لما أردنا من معنى التسوية بين الاسمين في العلم والفائدة في ذلك.
إن المتكلم أراد أن يعلم المسؤول أنه قد علم ما كان يسأل عنه ، ولم يخرج في اللفظ معينا على الشخص بعينه ليخرج المسؤول أن يسأله عن ذلك ولضرب من العوض ، فلذلك دخلت (أم) والألف في هذا الموضع إن شاء الله.
__________________
(١) في الأصل : السؤالين.
(٢) في الأصل : إضراب.
(٣) في الأصل : فأم.