المختلفة كالمعتزلة والقدرية والجبرية ، وهبّ أصحاب كل فرقة للدفاع عنها
وتنافسوا في التأليف في ذلك.
أما سياسيا فقد
كانت بغداد في طريقها إلى الضعف والانحلال. وذلك أن العباسيين اعتمدوا الفرس
والأتراك ، كما ظهرت بعض الدويلات المنافسة كالسامانية والبويهية والحمدانية
والغزنوية والسلجوقية .
وفكريا عاشت
بغداد عصرا ذهبيا في الحركة العلمية ، تطورت فيها جميع العلوم من منطق وفلسفة ولغة
وأدب وعلوم دينية ، يكفي أن نعرف من عاش في هذا القرن من الأدباء والحكماء وعلماء
النحو ، ويكفي أن نذكر ما تركوه من آثار لنبيّن مدى ازدهار النشاط الفكري
وإن نظرة سريعة
إلى أي من كتب التراجم تبيّن لنا هذا الكم الهائل من أعلام النحاة الذين عاشوا في
القرن الرابع وبرز منهم : إبراهيم بن السّري الزجّاج (٣١١ ه) ، والزجّاجي (٣٣٧ ه)
، والسيرافي (٣٦٨ ه) ، والفارسي (٣٧٧ ه) ، والرمّاني (٣٨٤ ه) ، وابن جنّي (٣٩٢
ه).
وبالرغم من ذلك
نجد إغفالا لذكر الورّاق في بعض كتب التراجم ، فهو لم يلق حظا من الشهرة ، بل إنّ
كثيرا من النحاة لم ينقل عنه ، رغم تأليفه لأكبر كتاب وصل إلينا في العلل من ذلك
العصر.
وما يواجهنا في
بحث حياة الورّاق وترجمته هو موضوع الخلط بين الورّاقين ، فلقد شاعت شهرة عدد من
الأشخاص بهذا الاسم ، وذلك لمن يتقن مهنة الوراقة ، بل ربما وجدنا صلة قرابة بين
من أطلق عليهم هذا الاسم ، وهذا ما يزيد الأمر لبسا وإيهاما (كما في الورّاق صاحب
الكتاب الذي بين أيدينا فهو أبو الحسن
__________________