إننا نرى صحة هذا الخيار الأخير ، ولا نجد فيه أي محذور ، فإن التدخل الغيبي الإلهي لإيصال المنافع للبشر ، ودفع المضار عنهم أمر مشهود في تاريخ البشر.
ولكن إذا كان يراد بهذا التدخل التوصل إلى سلب الناس القدرة على التصرف ، وعلى الإختيار ، أو أخذهم ومؤاخذتهم استنادا إلى معارف حصلت بوسائل غير عادية ، ولا تقع تحت قدرتهم ، فذلك هو المحذور الذي لا يمكن أن يكون له أي دور في السياسة الإلهية للبشر ، أو في التعامل معهم.
٢ ـ إنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكتف بما ذكره لهم ، من معرفته الدقيقة بكل ما من شأنه أن يؤثر على مسار الأمور ، بحيث تنتهي إلى ما يحبه المسلمون .. بل هو قد تجاوز ذلك بإخبارهم الغيبي عن مستقبل بني مدلج في هذا الدين ، وأنهم سيدخلون فيه ، وسيكون منهم الشهداء في سبيل الله .. الأمر الذي يصل بالأمور لدى أصحابه إلى درجة اليقين بالنتائج ، فلا موضع للتوهم في أن يكون ما يخبرهم به مجرد توقعات يطلقها على سبيل التفاؤل للربط على القلوب ، وشحذ العزائم ، وإيقاظ الهمم.
٣ ـ إنه «صلىاللهعليهوآله» لم يشر إلى ما سيفعله سيد بني مدلج!! هل سوف يسلم؟! أم أنه سيبقى على شركه؟! لكنه ، وهو السيد الأديب الأريب سيمنع قومه من إظهار العداوة ، ومن إثارة المتاعب ، والدخول في تحالفات ، أو في مؤامرات ضد الإسلام والمسلمين ، وهذا يكفي مبررا للكف عن بني مدلج ..
٤ ـ إن هذا الذي جرى يظهر : أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يريد