ثعل فلم يشهد له أحد ، فقال مصعب : خلّوا سبيل الفتى فإنّه رأى أمرا فظيعا (١) ، فقال عمر بن أبي ربيعة القرشي في قتل مصعب عمرة ابنة النعمان بن بشير :
إن من أعجب العجائب عندي |
|
قتل بيضاء حرة عطبول |
قتلت هكذا على غير جرم |
|
إن لله درها من قتيل |
كتب القتل والقتال علينا |
|
وعلى المحصنات جرّ الذيول |
قال (٢) : وحدّثني محمّد بن يوسف : أنّ مصعبا لقي عبد الله بن عمر ، فسلّم عليه ، فقال له : أنا ابن أخيك مصعب ، فقال له ابن عمر : أنت القاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة (٣) واحدة ، عش ما استطعت. فقال مصعب : إنّهم كانوا كفرة سحرة ، فقال ابن عمر : والله لو قتلت عدّتهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا. فقال سعيد بن عبد الرّحمن ابن حسان بن ثابت في ذلك :
أتى راكب بالأمر ذي النبأ العجب |
|
بقتل ابنة النعمان ذي الدين والحسب |
بقتل فتاة ذات دلّ ستيرة |
|
مهذبة الأخلاق والخيم والنسب |
مطهرة من نسل قوم مطهر (٤) |
|
من المؤثرين الخير في سالف الحقب |
خليل النبي المصطفى ونصيره |
|
وصاحبه في الحرب والنكب والكرب |
أتاني بأن الملحدين توافقوا |
|
على قتلها لا جنّبوا القتل والسلب |
فلا هنأت آل الزبير معيشة |
|
وذاقوا لباس الذل والخوف والحرب |
كأنهم إذ أبرزوها وقطعت |
|
بأسيافهم فازوا بمملكة العرب |
ألم تعجب الأقوام من قتل حرة |
|
من المحصنات الدين محمودة الأدب |
من الغافلات المؤمنات بريئة |
|
من الذم والبهتان والشك والكذب |
علينا كتاب القتل واليأس واجب |
|
وهن العفاف في الحجال وفي الحجب |
على دين أجداد لها وأبوة |
|
كرام مضت لم تخز أهلا ولا ترب (٥) |
__________________
(١) في أنساب الأشراف : أمرا عظيما فظيعا.
(٢) القائل : أبو مخنف ، والخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٤٩٤ ـ ٤٩٥.
(٣) بالأصل و «ز» : غزاة ، والمثبت عن الطبري.
(٤) كذا بالأصل و «ز» : «قوم مطهر» وفي الطبري : «قوم أكارم» وفي المختصر لابن منظور : «قرم مطهر» وهو أشبه.
(٥) في الطبري : ولم ترب.