عيدهم ، فملأته سرورا حين نظر إليها ، ثم تأمّلها فقطب ففطنت (١) ، فقالت : ما لك يا أمير المؤمنين؟ أكرهت هذه ، ألبس غيرها؟ قال : لا ، ولكن رأيت هذه الشامة التي على كشحك من فوق الثياب ، وبك تذبح النساء ـ وكان بها شامة في ذلك الموضع ـ أما إنهم سينزلونك (٢) عن بغلة شهباء وردة ـ يعني بني العباس ـ ثم يذبحونك ذبحا.
قوله بك تذبح (٣) النساء ، يعني إذا كانت دولة لأهلك ذبحوا بك من نساء القوم الذين ذبحوك ، فأخذها عبد الله بن علي بن العباس ، فكان معها من الجوهر ما لا يدرى ما هو ، ومعها درع يواقيت وجوهر منسوج بالذهب ، فأخذ ما كان معها ، وخلّى سبيلها ، فقالت في الظلمة : أي دابة تحتي؟ قيل لها دهماء كظلمة الليل ، فقالت : نجوت ، قال : فأقبلوا على عبد الله بن علي ، فقالوا : ما صنعت أدنى ما يكون يبعث أبو جعفر إليها ، فيخبره بما أخذت منها ، فيأخذه منك ، اقتلها. فبعث في إثرها ، وأضاء الصبح ، فإذا تحتها بغلة شهباء وردة (٤) ، فلحقها الرسول فقالت : مه ، قال : أمرنا بقتلك ، قالت : هذا أهون عليّ ، فنزلت فشدّت درعها من تحت قدميها وكميها على أطراف أصابعها وخمارها فما رئي من جسدها شيء ، والذي لحقها مولى لآل العباس.
قال ابن عائشة : فرأيت من يدخل دورنا يطلب اليواقيت للمهدي ليتم به تلك الدرع التي أخذت منها ، وإنما كانت [بدنا](٥) يغطي (٦) المرأة إذا قعدت.
قال الحسن بن عبد الرّحمن : فلما دخل البصرة الزّنج فيما أخبرني مشايخنا ـ لا يختلفون ـ دخلوا دار جعفر بن سليمان بن (٧) عبد الله بن العباس فجاءوا إلى بنته آمنة وهي عجوز كبيرة قد بلغت تسعين سنة ، فلما رأتهم قالت لهم : اذهبوا بي إليه ، فإنه ابن خال جدتي أم الحسن (٨) بنت جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي. قالوا : بك أمرنا ، فقتلوها (٩).
__________________
(١) سقطت من الجليس الصالح.
(٢) بالأصل : «سينزل بك» والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح.
(٣) الحرف الأول بدون إعجام بالأصل و «ز» ، أعجمت الكلمة عن مختصر ابن منظور.
(٤) من قوله : ذبحا ... إلى هنا سقط من الجليس الصالح.
(٥) سقطت من الأصل و «ز» ، والمطبوعة وزيدت عن الجليس الصالح.
(٦) بالأصل و «ز» : تعطي ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٧) في الجليس الصالح : سليمان بن علي بن عبد الله.
(٨) كذا بالأصل و «ز» والمطبوعة ، وفي الجليس الصالح : أم الحسين.
(٩) في الجليس الصالح : بل أمرنا بقتلك ، فقتلوها.