من جانبه الأيسر (١) فخلقت حواء منه ، فلما استيقظ آدم فجلس فنظر إلى حواء تشبهه من أحسن البشر. ولكل امرأة فضل على الرجل بضلع.
وكان الله علّم آدم اسم كل شيء فجاءته الملائكة فهنئوه ، وسلموا عليه ، فقالوا : يا آدم ما هذه؟ قال : هذه امرأة. قيل له : فما اسمها؟ قال : حواء. فقيل له : لم سميتها حواء؟ قال : لأنها خلقت من حيّ ، فنفخ بينهما من روح الله عزوجل ، فما كان من شيء يتراحم له الناس فهو من فضل رحمتهما.
قال وهب بن منبه (٢) :
لما أسكن الله آدم وزوجه حواء الجنّة ، نهاه عن الشجرة (٣) ، وكانت الشجرة متشعبا غصونها بعضها (٤) في بعض ، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم ، وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته.
فلما أراد إبليس أن يستزلهما (٥) ، دخل في جوف الحية ، وكانت لها أربع قوائم كأنها بختيّة من أحسن دابة خلقها الله ، فلمّا دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس ، فأخذ من الشجرة التى نهى الله عنها آدم وزوجته ، فجاء بها إلى حواء ، فقال : انظري إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها! وأطيب طعمها! وأحسن لونها! فأخذتها حواء فأكلت منها ، ثم ذهبت بها إلى آدم ، فقالت : انظر إلى هذه الشجرة ، ما أطيب طعمها ، وما أحسن لونها (٦)! فأكل منها آدم ، فبدت لهما سوءاتهما ، فدخل آدم في جوف الشجرة ، فناداه ربه : يا آدم أين أنت؟ قال : أنا هذا يا رب. قال : ألا تخرج؟ قال : أستحي منك يا رب. قال : ملعونة الأرض التي منها خلقت ، لعنة تتحول ثمارها شوكا.
قال : ولم يكن في الجنة ولا في الأرض شجرة كانت (٧) أفضل من الطلح والسدر.
__________________
(١) ونقل ابن إسحاق عن ابن عباس أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر كما في البداية والنهاية ١ / ٨١.
(٢) الخبر من طريقه رواه الطبري في تاريخه ١ / ٧٢.
(٣) وهو قوله تعالى في سورة البقرة : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) الآية ٣٥.
(٤) في المختصر : «بعضه» والمثبت عن الطبري.
(٥) يستزلهما من زلّ والزلة الخطيئة ، يعني استزلهما أوقعهما في الخطيئة. وقال ابن كيسان إنه أراد صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية.
(٦) زيد في الطبري : وأطيب ريحها.
(٧) في المختصر : كان ، والمثبت عن الطبري.