البخاري ، نا عيسى بن الجنيد أبو أحمد النحوي الكشي ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ، قال : حدث عوانة بن الحكم قال (١) :
اجتمع في ضيافة سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب وهي تحت مصعب بن الزبير الفرزدق بن غالب ، وجرير بن الخطفي ، وكثيّر عزّة ، ونصيب ، وجميل بن معمر ، فمكثوا ثلاثا ، فأذنت لهم ، فجلسوا حيث تراهم ولا يرونها ، وتسمع (٢) كلامهم ، فخرجت إليهم وصيفة قد روت الأحاديث والأشعار ، فقالت : أيكم الفرزدق ، فقال : ها أنا ذا. قالت : أنت القائل (٣) :
هما دلتاني (٤) من ثمانين قامة |
|
كما انقضّ باز أقتم الريش كاسره |
فلما استوت رجلاي في الأرض نادتا |
|
أحيّ يرجى أم قتيل نحاذره؟! |
فقلت : ارفعوا (٥) الأسباب (٦) لايشعروا بنا |
|
وأقبلت في أعجاز ليل أبادره |
أبادر بوابين قد وكلا (٧) بنا |
|
وأحمر من ساج تبصّ مسامره |
فأصبحت في القوم القعود وأصبحت |
|
مغلقة دوني عليها دساكره |
ترى أنها أمست حصانا وقد جرت |
|
لنا برتاها (٨) بالذي أنا شاكره |
قال : نعم أنا قائله. قالت : فما دعاك إلى إفشاء سرك وسرها؟ ألا سترت على نفسك وعليها؟ خذ هذه الألف والحق بأهلك. ثم دخلت على مولاتها. وخرجت فقالت : أيكم جرير؟ قال : ها أنا ذا ، قالت : أنت القائل :
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا |
|
حين الزيارة فارجعي بسلام |
تجري السواك على أغر كأنه |
|
برد تحدر من متون غمام |
لو كان عهدك كالذي حدثتنا |
|
لوصلت ذاك فكان عير رمام (٩) |
إني أواصل من أردت وصاله |
|
بحبال لا صلف ولا لوام |
__________________
(١) الخبر بطوله والشعر في الأغاني ١٦ / ١٦١ وما بعدها ، وانظر مصارع العشاق ٢ / ٧٩ وما بعدها.
(٢) الخبر بطوله والشعر في الأغاني ١٦ / ١٦١ وما بعدها ، وانظر مصارع العشاق ٢ / ٧٩ وما بعدها.
(٣) تقدمت الأبيات قريبا ، وانظر ديوان الفرزدق ١ / ٢٥٩ (ط. صادر ، بيروت).
(٤) بالأصل و «ز» : دلياني.
(٥) في الديوان : ارفعا الأسباب.
(٦) في الأغاني : الامراس.
(٧) بالأصل و «ز» : «وكلوا بنا» والمثبت عن الديوان والأغاني.
(٨) بالأصل و «ز» : «برباها» والمثبت عن الديوان.
(٩) بالأصل و «ز» : لو كان عهدي ... غير ذمام.