من أهل الكوفة جناية على الحجاج بن يوسف ، فأخذ ليدخل به إليه ، وذلك ليلا ، فقال : أقيم لكم كفيلا إلى غد. قالوا : هاته فأعطاهم عريفه وكان يسمى مالكا ، فتركوه ، وهرب تحت ليلته تلك إلى عبد الملك بن مروان مستجيرا به من الحجاج ، وأنشأ يقول :
جعلت الغوابي من مالك |
|
ولم ينهك الشيب عن ذلكا |
وأحكمك الدهر في مره |
|
وتقريعه هام أسنانكا |
أقول لعثمان لا تلحني |
|
أفق عثم عن بعض بعذالكا |
غريب تذكر إخوانه |
|
فها حواله سقما ناهكا |
وكرهنني أرضكم أنني |
|
رأيت بها مالكا فاتكا |
فلما خشيت أظافيره |
|
نجوت وأرهنتكم مالكا |
عريفا مقيما بدار الهو |
|
ان أهون عليّ به هالكا |
ويممت أبلج ذا سور صفا |
|
ذروة المجد والحاركا |
فأجاره وكتب له إلى الحجاج أن لا يعرض له.
٩١٥٤ ـ رجل من أهل العراق
وفد على عبد الملك.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنبأ أبو بكر أحمد بن سليمان بن علي المقرئ الواسطي ، نا عبيد الله بن محمّد البزار ، أنا جعفر بن محمّد بن القاسم ، نا أبو العباس الطوسي ، نا موسى بن عيسى العبدي ، أخبرني أحمد بن طالب الكناني كنانة كلب قال : نصب عبد الملك الموائد يطعم الناس ، فجلس رجل من أهل العراق على بعض تلك الموائد ، فنظر إليه خادم عبد الملك فأنكره ، فقال له : أعراقي؟ قال : نعم ، قال : فجاسوس؟ قال : كلا دعني أتهنّى بزاد أمير المؤمنين ، ثم إنّ عبد الملك وقف على تلك المائدة فقال : من القائل (١) :
إذا الأرطى توسّد أبرديه (٢) |
|
خدود جوازئ (٣) بالرمل عين (٤) |
__________________
(١) البيت في تاج العروس (برد) ونسبه للشماخ بن ضرار ، وهو في ديوانه.
(٢) الأبردان هما الغداة والعشي ، أو العصران ، والأبردان أيضا : الظل والفيء. والأرطى : شجر ينبت بالرمل ، هو شبه الغضى ، وثمره كالعناب.
(٣) الجوازئ الظباء وبقر الوحش. وسميت بالجوازى لأنها اجتزأت بأكل النبت الأخضر عن الماء (تاج العروس).
(٤) أي واسعة العيون.