١٣٧١ ـ أم البراء بنت صفوان بن هلال ...
شاعرة ، ذات لسان فصيح ، ومنطق مبين ، اشتركت في صفين ، وحثت على قتال معاوية بن أبي سفيان. استأذنت عليه يوما فأذن لها فدخلت في ثلاثة دروع تسحبها ، قد كارت على رأسها كورا كهيئة المنسف ، فسلمت ثم جلست ، فقال : كيف أنت يا بنت صفوان ، قالت : بخير يا أمير المؤمنين ، قال : فكيف حالك؟ قالت : ضعفت بعد جلد وكسلت بعد نشاط ، قال : سيان بينك اليوم ، وحين تقولين :
يا عمرو دونك صارما ذا رونق |
|
غضب المهزة ليس بالخوار |
أسرج جوادك مسرعا ومشمرا |
|
للحرب غير معرّد لفرار |
أجب الإمام ودبّ تحت لوائه |
|
وافر العدوّ بصارم بتّار |
يا ليتني أصبحت ليس بعورة |
|
فأذبّ عنه عساكر الفجار |
قالت : قد كان ذاك يا أمير المؤمنين ، ومثلك عفا ، والله تعالى يقول : عفا الله عما سلف. قال : هيهات أما إنّه لو عاد لعدت ولكن اخترم دونك ، فكيف قولك حين قتل؟ قالت : نسيته يا أمير المؤمنين ، فقال بعض جلسائه ، هو الله حين تقول يا أمير المؤمنين :
يا للرجال لعظم هول مصيبة |
|
فدحت فليس مصابها بالهازل |
الشمس كاسفة لفقد إمامنا |
|
خير الخلائق والإمام العادل |
يا خير من ركب المطيّ ومن مشى |
|
فوق التراب لمحتف أو ناعل |
حاشا النبي لقد هددت قواءنا |
|
فالحق أصبح خاضعا للباطل |
فقال معاوية : قاتلك الله يا بنت صفوان ، ما تركت لقائل مقالا ، اذكري حاجتك ، قالت : هيهات بعد هذا ، والله لا سألتك شيئا ، ثم قامت فعثرت فقالت : تعس شانئ عليّ. فقال : يا بنت صفوان ، زعمت أن لا ، قالت : هو ما علمت ، فلما كان الغد بعث إليها بكسوة فاخرة ، ودراهم كثيرة ، وقال : إذا أنا ضيعت الحلم فمن يحفظه؟.