١٠٨٦ ـ المعرّي بن الأقبل الهمداني ...
شاعر ناسك ، من أهل الشام ، وكان صديقا ومواخيا لعمرو بن العاص. وكان مع معاوية ثم التحق بأمير المؤمنين (عليه السلام). قال نصر : وذكروا أنّه لما غلب أهل الشام على الفرات ، فرحوا بالغلبة ، فقال معاوية : يا أهل الشام هذا والله أوّل الظفر ، لا سقاني الله ولا سقى أبا سفيان ، إن شربوا منه أبدا حتّى يقتلوا بأجمعهم عليه. وتباشر أهل الشام فقام إليه رجل من أهل الشام همداني ناسك ، يقال له المعرّي بن الأقبل ، وكان ناسكا وكان له فيما تذكر همدان لسان ، وكان صديقا ومواخيا لعمرو بن العاص ، فقال يا معاوية : سبحان الله الآن سبقتم القوم إلى الفرات فغلبتموهم عليه تمنعونهم عنه؟ أما والله لو سبقوكم إليه لسقوكم منه. أليس أعظم ما تنالون من القوم أن تمنعونهم الفرات ، فينزلوا على فرصة أخرى فيجازوكم بما صنعتم؟ أما تعلمون أنّ فيهم العبد ، والأمة ، والأجير ، والضعيف ، ومن لا ذنب له. هذا والله أوّل الجور. لقد شجعت الجبان وبصرت المرتاب ، وحملت من لا يريد قتالك على كتفيك. فأغلظ له معاوية ، وقال لعمرو : اكفني صديقك. فأتاه عمرو فأغلظ ، فقال الهمداني في ذلك :
لعمرو أبي معاوية بن حرب |
|
وعمرو ، ما لدائهما دواء |
سوى طعن يحار العقل فيه |
|
وضرب حين يختلط الدماء |
فلست بتابع دين ابن هند |
|
طوال الدّهر ما أرسى حراء |
لقد ذهب العتاب فلا عتاب |
|
وقد ذهب الولاء فلا ولاء |
وقولي في حوادث كل أمر |
|
على عمرو ، وصاحبه العفاء |
ألا لله درّك يا ابن هند |
|
لقد برح الخفاء فلا خفاء |
أتحمون الفرات على رجال |
|
وفي أيديهم الأسل الظماء |
وفي الأعناق أسياف حداد |
|
كأنّ القوم عندهم نساء |
فترجو أن يجاوركم عليّ |
|
بلا ماء وللأحزاب ماء |