غير أنّي بالجوى (١) أعرفها |
|
وهي أيضا بالجوى تعرفني |
وقال الشبلي : الوجد : اصطلام (٢). ثم قال :
الوجد عندي جحود |
|
ما لم يكن عن شهود |
وشاهد الحق عندي |
|
يفني شهود الوجود |
قال السلمي (٣) : سمعت عبد الله بن محمّد الدمشقي يقول :
حضرت مع الشبلي ليلة في مجلس سماع ، وحضره المشايخ ، فغنى قوّال شيئا ، فصاح الشبلي والقوم سكوت ، فقال له بعض المشايخ : يا أبا بكر ، أليس هؤلاء يسمعون معك؟ ما لك من بين الجماعة؟ فقام ، وتواجد ، وأنشأ يقول (٤) :
لو يسمعون كما سمعت كلامها (٥) |
|
خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا |
وقال (٦) :
لي سكرتان (٧) وللندمان واحدة |
|
شيء خصصت به من بينهم وحدي |
قال : وسمعت أبا العباس البغدادي يقول :
كنّا جماعة من الأحداث نصحب أبا الحسين بن أبي بكر الشبلي ، وهو حدث ، ونكتب الحديث ، فأضافنا ليلة أبو الحسين ، فقلنا : بشرط ألا (٨) يدخل علينا أبوك ، فقال : لا يدخل. فدخلنا داره ، فلما أكلنا إذا نحن بالشبلي وبين كل إصبعين من أصابعه شمعة ، ثماني شموع. فجاء وقعد في وسطنا ، فاحتشمنا منه ، فقال : يا سادة عدوني فيما بينكم طست شمع. ثم قال : أين غلامي أبو العباس؟ فتقدمت إليه ، فقال لي : غنّ الصوت الذي كنت تغني :
__________________
(١) الجوى : الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن.
(٢) الاصطلام : الصلم : القطع المستأصل. واصطلمه : استأصله.
(٣) الخبر في طبقات الأولياء ص ٢٠٦ باختلاف الرواية.
(٤) البيت لكثير عزّة ، وهو في ديوانه ص ٧٦ (ط. بيروت).
(٥) كذا في مختصر أبي شامة ، وفوقها علامة تحويل إلى الهامش وكتب عليه : «حديثها» والمثبت يوافق رواية الديوان.
(٦) البيت لأبي نواس ، وهو في ديوانه ص ٢٧ من قصيدة مطلعها :
لا تبك ليلى ولا تطرب إلى هند |
|
واشرب على الورد من حمراء كالورد |
(٧) في الديوان : نشوتان.
(٨) في مختصر أبي شامة : أن لا يدخل.