قال أبو الحسين (١) زيد بن رفاعة الهاشمي (٢) :
دخل أبو بكر بن مجاهد على أبي بكر الشبلي ، فحادثه ، وسأله عن حاله. فقال ابن مجاهد : نرجو الخير ؛ يختم في كل يوم بين يدي ختمتان وثلاث (٣). فقال له الشبلي : أيها الشيخ قد ختمت في تلك الزاوية ثلاثة عشر ألف ختمة إن كان فيها شيء قبل فقد وهبته لك ، وإني لفي درسه منذ ثلاث وأربعين سنة ما انتهيت إلى ربع القرآن.
قال أبو بكر محمّد بن عمر (٤) :
كنت عند أبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد المقرئ ، فجاء الشبلي ، فقام إليه أبو بكر بن مجاهد ، فعانقه ، وقبّل بين عينيه ، فقلت له : يا سيدي ، تفعل هذا بالشبلي ، وأنت وجميع من ببغداد يتصورونه بأنّه مجنون؟! فقال لي : فعلت كما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعل به ؛ وذاك أني رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام وقد أقبل الشبلي ، فقام إليه ، وقبّل بين عينيه ، فقلت : يا رسول الله ، أتفعل هذا بالشبلي؟ قال لي : «نعم ، هذا يقرأ بعد صلاته : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ)(٥) الآية ، ويتبعها بالصّلاة عليّ.
قال الخطيب (٦) : سمعت أبا القاسم عبيد الله بن عبد الله بن الحسن الخفاف ـ المعروف بابن النقيب ـ يقول :
كنت يوما جالسا بباب الطاق أقرأ القرآن على رجل يكنى بأبي بكر المعيمش (٧) ، وكان وليا لله ، فإذا بأبي (٨) بكر الشبلي قد جاء إلى رجل يكنى بأبي الطيّب الجلّاء ، وكان من أهل العلم ، فسلّم عليه ، وأطال الحديث معه ، وقام لينصرف. فاجتمع قوم إلى أبي الطيب فقالوا : نسألك أن تسأله أن يدعو لنا ، ويرينا شيئا من آيات الله ـ ومعهم (٩) صاحبان له ـ فألح أبو
__________________
(١) في مختصر أبي شامة : الخير ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) من طريقه روي الخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٢.
(٣) في تاريخ بغداد : ترجو الخير ، تختم في كل يوم بين يدي ختمتين وثلاثا.
(٤) الخبر باختلاف الرواية في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٥.
(٥) سورة التوبة ، الآية : ١٢٨.
(٦) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٤.
(٧) في تاريخ بغداد : العميش.
(٨) في مختصر أبي شامة : «فإذا أبا بكر» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٩) كذا في مختصر أبي شامة ، وفي تاريخ بغداد : ومعه.