لأنه لا بدّ لي من تكفينك ، وليس عندي ثوب يسع لك كفنا (١) ، فقال : لا تبكي ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر يقول : «ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض ، تشهده عصابة من المؤمنين» ، فكلّ من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية ، ولم يبق منهم غيري ، وقد أصبحت بالفلاة أموت ، .... (٢) الطريق ، فإنك سوف ترين ما أقول لك ، وإنّي والله ما كذبت ولا كذبت ، قالت : وأنّى ذلك ، وقد انقطع الحاج؟ قال ... (٣) الطريق ... (٤) هي كذلك إذ هي تقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرّخم ، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها ، فقالوا : ما لك؟ قالت : امرؤ من المسلمين تكفنونه وتؤجرون فيه ، قالوا : ومن هو؟ قالت : أبو ذرّ ، قال : ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، ثم وضعوا أسيافهم في نحورها يبتدرونه ، فقال : أبشروا أنتم النفر الذين قال فيكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : أبشروا ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من امر أين من المسلمين هلك بينهما ولدان أو ثلاثة فاحتسبا وصبرا فيردان النار أبدا» ، ثم قال : أصبحت اليوم حيث ترون ، ولو أن ثوبا من ثيابي يسعني لم أكفن إلّا فيه ، فأنشدكم الله لا يكفّني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا ، فكلّ القوم ، كان نال من ذلك شيئا إلّا ولي من الأنصار كان مع القوم ، قال : أنا صاحبه الثوبين في عيبتي من غزل أمي ، وأحد ثوبي هذين اللذين عليّ ، قال : أنت صاحبي فكفنّي [١٣٣٧٥].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن ، وأبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم.
وأخبرنا أبو عبد الله محمّد ، أنبأ أبي ، قالا : أنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن عبد الله ، نا الحسين بن إسماعيل ، نا يوسف بن موسى ، نا يحيى بن سليم الطائفي ، حدّثني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن مجاهد ، عن إبراهيم بن ... (٥) ، عن أبيه عن أم ذرّ أنها قالت :
لما حضر أبا ذرّ الوفاة ، قالت : بكيت ، فقال : ما يبكيك؟ قالت : قلت : وما لي لا
__________________
(١) العبارة في مختصر أبي شامة : قلت : وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ولا يدان لي بتغيبك ، وليس معنا ثوب يسعك كفنا.
(٢) غير واضحة بالأصل ، وفي ابن سعد : فراقبي الطريق.
(٣) غير واضحة بالأصل. وفي ابن سعد : راقبي الطريق.
(٤) بياض بالأصل مقدار كلمة.
(٥) بياض بالأصل. والذي تقدم ، وفي طبقات ابن سعد ٤ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ إبراهيم بن الأشتر.