قال الطبراني : هكذا روى هذا الحديث صفوان عن عبد الرّحمن بن نفير عن أبيه قال بشر بن بكر (١) : حدّثنا الأوزاعي : حدّثني أبو كثير ، حدّثني أبي قال :
أتيت أبا ذرّ وهو جالس عند الجمرة الوسطى ، وقد اجتمع الناس عليه يستفتونه ، فأتاه رجل ، فوقف عليه ، فقال : ألم ينهك أمير المؤمنين عن الفتيا؟ فرفع رأسه إليه ثم قال : أرقيب أنت عليّ؟! لو وضعتم الصّمصامة على هذه ـ وأشار بيده إلى قفاه ـ ثم ظننت أن أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل أن تجيزوا عليّ لأنفذتها.
وفي رواية (٢) : أنّ رجلا أتى أبا ذرّ فقال : إنّ المصدقين ـ يعني جباة الصدقة ـ ازدادوا علينا ، فنغيّب عنهم بقدر ما ازدادوا علينا؟ قال : لا ، قف مالك عليهم فقل : ما كان لكم من حقّ فخذوه ، وما كان باطلا فذروه ، فما تعدّوا عليك جعل في ميزانك يوم القيامة.
وعلى رأسه فتى من قريش ، فقال : أما نهاك أمير المؤمنين عن الفتوى؟.
فذكر ما سبق.
وعن ثعلبة بن الحكم ، عن علي قال (٣) :
لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذرّ ، ولا نفسي ؛ ثم ضرب بيده على صدره.
عن أبي الطفيل ، عن ابن أخي أبي ذرّ قال :
أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه لن يسلّط أحد على قتلي ، ولن يفتنونني عن ديني. وأخبرني أني أسلمت فردا ، وأموت فردا ، وأبعث يوم القيامة فردا.
قال الأحنف بن قيس (٤) :
أتيت المدينة ، ثم أتيت الشام ، فجمّعت ، فإذا أنا برجل لا ينتهي إلى سارية إلّا فرّ أهلها (٥) ، يصلّي ويخفّ صلاته. فجلست إليه ، قال : قم عني لا أغرّك بشر ، فقلت : كيف تغرّني بشرّ؟ قال : إن هذا ـ يعني معاوية ـ نادى مناديه أن لا يجالسني أحد.
__________________
(١) رواه الذهبي في سير الأعلام من هذا الطريق ٢ / ٦٤.
(٢) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ١٦٠.
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٣١ وسير أعلام النبلاء ٢ / ٦٤.
(٤) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٢٩.
(٥) في ابن سعد : خرّ أهلها.