خمسمائة من أصحابه ينزل خمسين يوما مدينة الشرقية لا يبايع ، فإذا تمت فإن شاء لحق بمأمنه ، وإن شاء دخل فيما دخل فيه الناس ، وما كان في أيدينا فهو لنا ، ففتحنا الأبواب يوم السبت لأيام خلون من ذي القعدة ، فدخلوا المدينة ، وجوّلوا فيها ، ثم خرجوا ففعلوا مثل ذلك يوم الأحد ، فلمّا كان يوم الاثنين دخل علج من علوجهم في خيل فتتبع كل دابة عليها سمة : له (١) ، فأخذها وقال : هذه للإمارة.
قال خليفة (٢) : قال بيهس : فأخبرت أبا عثمان فأخبر ابن هبيرة فقال : غدر القوم وربّ الكعبة ، وقال لأبي عثمان : انطلق إلى أبي جعفر ، فأقرئه السّلام وقل له : إن رأيت أن تأذن لنا في إتيانك فأذن له ، فركب يوم الاثنين ، وركبنا معه نحو من مائتين حتى انتهينا إلى الرواق ، فنزل ابن هبيرة وأبو عثمان وسعد (٣) ، فجئنا نمشي معه حتى [إذا](٤) بلغنا باب الحجرة ، دفع الباب ، فإذا أبو جعفر قاعد ، فقال له ابن هبيرة : السّلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته ، ثم أرخى الباب ، فسمعنا أبا جعفر يقول : يا يزيد ، إنا بنو هاشم نتجاوز عن المسيء ، ونأخذ بالفضل ، لست عندنا كغيرك ، إنّ لك وفاء ، وأمير المؤمنين يرغب في الصنيعة إلى مثلك ، فأبشر بما يسرّك.
قال خليفة : قال أبو الحسن : قال له ابن هبيرة : إنّ إمارتكم محدثة ، فأذيقوا الناس حلاوتها ، وجنبوهم مرارتها تجلبوا (٥) قلوبهم ، وما زلت منتظرا لهذه الدعوة ، ثم قام ، فقال أبو جعفر : عجبا لرجل يأمرني بقتل هذا.
قال خليفة (٦) : قال بيهس : فلما كان يوم الاثنين لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين ومائة بعث أبو جعفر خازم بن خزيمة فقتل ابن هبيرة ، وكان الذي ولي قتله عبد الله بن البختري الخزاعي ، وقتل رباح بن أبي عمارة مولى لبني أمية ، وعبيد الله بن الحبحاب الكاتب ، وقتلوا داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة ، وأخرج أبا عثمان كاتب ابن هبيرة خازم بن خزيمة فقتله ، وأخذ بشر بن عبد الملك بن [بشر بن](٧) مروان ، وأبان بن
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز» ، وم ، وفي تاريخ خليفة : لله.
(٢) تاريخ خليفة ص ٤٠١ ـ ٤٠٢.
(٣) في تاريخ خليفة : وسعيد.
(٤) زيادة عن تاريخ خليفة.
(٥) بالأصل : تحلبون ، وفي م : «تجلبون» والمثبت عن «ز» ، وتاريخ خليفة.
(٦) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٠٢.
(٧) الزيادة عن «ز» ، سقطت من الأصل وم.