موضع الضعيفة منهما؟ قال بشير : قاتلك الله ما ذا تريد أن تقول إنها لا تعلم؟ وما ذا تريد أن تقول إن قلت إنها تعلم؟ قال الشيخ : إن قلت إنها تعلم قلت : فما تغني قوتها حين لا تطرد هذه الآفات عنها؟ وإن قلت : إنها لا تعلم فكيف تعلم الغيوب ولا تعلم موضع روح معها في جسد واحد؟ فسكت بشير ، فقال الشيخ : أسألك بالله هل عبدتم الصليب مثلا لعيسى بن مريم أنه صلب؟ قال بشير : نعم ، قال الشيخ : فبرضا كان منه أم بسخط؟ قال بشير : هذه أخت (١) تلك (٢) ، ما ذا تريد أن تقول : إن قلت برضا منه؟ وما ذا تريد أن تقول [إن قلت :](٣) بسخط؟ قال الشيخ : إن قلت برضا قلت : لقد قلتم قولا عظيما ، فلم تلام اليهود إذا أعطوا ما سألوا وأرادوا؟ وإن قلت بسخط قلت : فلم تعبد ما لا يمنع نفسه؟ ثم قال الشيخ بشير نشدتك بالله هل كان عيسى يأكل الطعام ويشرب ويصوم ويصلّي ويبول ويتغوط وينام ويستيقظ ويفرح ويحزن؟ قال : نعم ، قال الشيخ : نشدتك بالله لمن كان يصوم ويصلّي؟ قال : لله عزوجل ، ثم قال بشير : والضار النافع ، ما ينبغي لمثلك أن يعيش في النصرانية ، أراك رجلا قد تعلّمت الكلام ، وأنا رجل صاحب سيف ، ولكن غدا نأتيك بمن يخزيك الله على يديه ، ثم أمره بالانصراف.
فلمّا كان من الغد بعث بشير إلى الشيخ ، فلمّا دخل عليه إذا عنده قسّ عظيم اللحية قال له بشير : إنّ هذا رجل من العرب ، له حلم وعقل وأصل في العرب ، وقد أحب الدخول في ديننا ، فكلّمه حتى تنصّره. فسجد القسّ لبشير ، فقال : قديما أتيت إلى الخير ، وهذا أفضل ما أتيت إليّ ، ثم أقبل القس على الشيخ فقال : أيها الشيخ ، ما أنت بالكبير الذي قد ذهب عنه عقله ، وتفرّق عنه حلمه ، ولا أنت بالصغير الذي لم يستكمل عقله ولم يبلغ حلمه ، غدا أغطّسك في المعمودية (٤) غطسة تخرج منها كيوم ولدتك أمك ، قال الشيخ : وما هذه المعمودية (٥)؟ قال القس : [ماء مقدس. قال الشيخ : من قدسه؟ قال القسّ](٦) قدسته أنا والأساقفة قبلي قال الشيخ : فهل يقدس الماء من لا يقدس نفسه؟ قال : فسكت القس ، ثم قال : إني لم أقدّسه أنا ، قال الشيخ : فكيف كانت القصة إذا؟ قال القس : إنّما كانت سنّة من
__________________
(١) سقطت من م.
(٢) الأصل : لك ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، والمستدرك عن «ز» ، وم ، لتقويم المعنى.
(٤) الأصل وم : العمودية ، والمثبت عن «ز».
(٥) الأصل وم : العمودية ، والمثبت عن «ز».
(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم واستدرك عن «ز».