أخبرنا أبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ـ إذنا ـ قالا : أنا أبو بكر الخطيب ـ لفظا ـ أنا أبو الحسن بن رزقويه ، أنا أبو بكر بن سندي ، أنا الحسن بن علي ، أنا إسماعيل بن عيسى ، نا أبو حذيفة ، أنا مقاتل بن سليمان ، وجويبر ، عن الضّحّاك ، عن ابن عبّاس أنه قال في هذه الآية : (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ)(١) يعني كان ابن عمّ موسى (٢) ، وكان قارون بن يصهر (٣) بن لاوي.
قال : وأنا إسحاق ، أنا ابن سمعان ، حدّثني من له علم بالعلم الأوّل ممن أسلم من أهل الكتاب.
أن قارون خرج مع موسى منافقا ، فلم يزل على نفاقه على موسى وقومه فأهلكه الله ، وكان من بغيه أن امرأة بغية كانت تسمّى بشيرا ، دعاها قارون فقال لها : يا بشيرا أعطيك مائة دينار ، فانطلقي إلى محلة بني إسرائيل ، فقولي إنّ موسى أرسل إلي بهذه المائة دينار يدعوني إلى نفسه ، فإذا فعلت فهذه المائة لك ، وأعطيك مثلها ، فانطلقت حتى أتت محلة بني إسرائيل ، فقالت : يا معشر بني إسرائيل ، فهمّت أن تقول ما قال لها قارون ، فحوّل الله كلامها ، فقالت : إنّ قارون أرسل إليّ بهذه الدنانير وأمرني أن أعلم الناس أن موسى أرسل إليّ بها ، وأنه راودني عن نفسي ، ويعطيني مثلها أيضا ، فغضب موسى غضبا شديدا قال : ثم قام حتى دخل بيته ، فجاءت بنو إسرائيل إلى قارون ـ وكان أغنى أهل زمانه ـ فأقبلوا عليه ، فقالوا له : ويحك يا قارون ، ما حملك على ما صنعت؟ هذا موسى نبي الله وهو ابن عمّك ، وقد أهلك الله عدونا وبسط الله لك من الدنيا ما لم يعطه أحدا من بني إسرائيل ، فلا تفرح ، يعني لا يحملنّك على ما تصنع البطر ، ولا تبطر ، إن الله لا يحب البطرين ، (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ، وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا)(٤) ، يقول : لا تدع حظ آخرتك بدنياك ، وخذ لآخرتك من دنياك ، وقدّم لها. قال عند ذلك قارون : (إِنَّما أُوتِيتُهُ) يعني هذا المال (عَلى عِلْمٍ عِنْدِي)(٥) وموسى يمنّ عليّ أن الله رزقني.
قال : وكان يعلم علم الكيمياء وهو صنعة الذهب ، فلمّا أن سمعوا ذلك منه خرجوا من
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٧٦.
(٢) وهو قول أكثر أهل العلم ، وقال ابن إسحاق إنه كان عم موسى (البداية والنهاية ١ / ٣٦٠).
(٣) الأصل : صهر ، وفي م ود : مصهر ، والمثبت عن الطبري والبداية والنهاية.
(٤) سورة القصص ، الآية : ٧٧.
(٥) سورة القصص ، الآية : ٧٨.