عمرو موسى بن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، نا محمّد بن أحمد بن البراء ، أنا عبد المنعم ابن إدريس ، نا عبد الصّمد بن معقل ، عن وهب بن منبّه ، عن ابن عباس قال : قال موسى يا رب أمهلت فرعون أربعمائة سنة وهو يقول (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى)(١) ويكذب بآياتك ويجحد رسلك ، فأوحى الله إليه أنه كان حسن الخلق ، سهل الحجاب ، فأحببت أن أكافئه.
أنبأنا أبو بكر أحمد بن المظفّر بن الحسن بن سوسن ، وأخبرني أبو طاهر محمّد بن محمّد السنجي عنه ، أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، نا محمّد بن جعفر ابن محمّد الآدمي القارئ ـ من لفظه ـ أنا أبو بكر أحمد بن عبيد الله ـ صاحب النرسي ـ أنا يزيد بن هارون (٢) سنة إحدى ومائتين ، أنا أصبغ بن زيد الورّاق الجهني ، حدّثني القاسم بن أبي أيوب ، حدّثني سعيد بن جبير قال : سألت عبد الله بن عباس عن قول الله لموسى : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً)(٣) فسألته عن الفتون ما هو؟ فقال : استأنف النهار بابن جبير ، فإنّ لها حديثا طويلا ، فلمّا أصبحت غدوت على ابن عبّاس لأنجز (٤) ما وعدني من حديث الفتون ، فقال : تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم من أن يجعل في ذرّيته أنبياء وملوكا ، فقال بعضهم : إنّ بني إسرائيل لينتظرون ذلك ما يشكّون فيه ، وقد كانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب ، فلمّا ملك قالوا : ليس هكذا ، كان الله وعد إبراهيم ، قال فرعون : فكيف ترون؟ فأمروا (٥) جميعا أمرهم على أن يبعث رجالا منهم السفّار يطوفون في بني إسرائيل ، فلا يجدون مولودا ذكرا إلّا ذبحوه ، ففعلوا ذلك ، فلمّا رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم والصغار يذبحون قالوا : توشكون (٦) أن تفنوا بني إسرائيل ، فتصيروا أن تباشروا من الأعمال والخدمة التي (٧) كانوا يكفونكم ، فأقبلوا على كلّ مولود ذكر فيقتل عامهم ودعوا عاما فلا تقتلوا [منهم](٨) أحدا فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار ، فإنهم لن يكثروا بمن يستحيوا منهم فتخافوا مكاثرتهم إياكم ، ولن يفنوا بمن تقتلون (٩) فيحتاجون إليهم ، فأجمعوا
__________________
(١) سورة النازعات ، الآية : ٢٤.
(٢) حديث الفتون رواه ابن كثير في تفسيره مطولا ٣ / ٢٤٥ وفي البداية والنهاية ١ / ٣٤٩ وما بعدها.
(٣) سورة طه ، الآية : ٤٠.
(٤) في البداية والنهاية : لأتنجز.
(٥) في البداية والنهاية : فائتمروا.
(٦) الأصل وم ود : توشكوا ، والمثبت عن البداية والنهاية.
(٧) الأصل : الذي ، والمثبت عن د ، وم.
(٨) زيادة عن د ، وم.
(٩) الأصل وم ود : تقتلوا ، والمثبت عن البداية والنهاية.