وودّعا وودّع ولده وأوصاهم ، فقالت زوجته : ادعوا (١) الله أن يجعلني زوجتك في الجنّة ، فقال : على أن لا تضعي ثوبا حتى ترقعيه ، ولا تدّخري طعاما لشهر ، قالت : أفعل ، وكانت بعد موسى تلتقط السنبل من وراء (٢) الحاصدين (٣) ، وكانوا يطرحون لها الحبوب ، وكانوا يحبّون أن تأخذ شيئا صالحا ، فإذا رأت ذلك وعرفت أنهم قد عرفوها تركتهم ، ولحقت بمكان آخر حتى ماتت ، رحمها الله.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا علي بن سعيد العسكري ، نا يعقوب الدورقي ، نا هشام بن المفضّل الفزاري ، نا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي ، عن عروة ـ وهو ابن رويم ـ قال :
لما احتضر موسى قالت له امرأته : إنّي معك منذ أربعين سنة فمتعني من وجهك بنظرة ، قال : وكان على وجه موسى البرقع لما غشي وجهه من نور العرش يوم تجلّى ربه للجبل ، فكان إذا كشف عن وجهه غشيت الأبصار ، قال : فكشف لها عن وجهه فغشي بصرها ، فقالت : سل الله أن يزوجنيك في الجنّة ، قال : إن أحببت ذلك فلا تزوّجي (٥) بعدي ، ولا تأكلي إلّا من رشح جبينك ، قال : فكانت تبرقع بعده تتبع اللقاط ، فإذا رآها الحصادون تحاطوا لها ، فإذا أحست ذلك تركته.
قال (٦) : ونا أبو محمّد بن حيان ، نا عبدان بن أحمد ، نا ابن الطبّاع ، نا أحمد بن المفضّل ، عن الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن عروة بن رويم قال : قالت الصفراء (٧) امرأة موسى لموسى : بأبي أنت وأمي ، أنا أيّم منك منذ كلّمك ربك ـ وكان موسى لم يأت النساء منذ كلّمه ربّه ـ وكان قد ألبس على وجهه حريرة أو برقع (٨) ، وكان أحد لا ينظر إليه إلّا مات ، فكشف لها عن وجهه فأخذها من غشيته (٩) مثل شعاع الشمس ، فوضعت يدها
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، ود ، و «ز» : «ادعوا» والوجه : «ادع».
(٢) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٣) في م : الحصادين.
(٤) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٦ / ١٢٠ في ترجمة عروة بن رويم.
(٥) في الحلية : تتزوجي.
(٦) القائل : أبو نعيم الحافظ ، والخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٢٠ ـ ١٢١.
(٧) كذا ورد اسمها هنا بالأصل وبقية النسخ وحلية الأولياء ، وقد مرّ اسمها فيما تقدّم : أصفورا.
(٨) كذا بالأصل وم ود ، و «ز» : «برقع» وفي الحلية : «برقعا» وهو الوجه.
(٩) الأصل : غشيه ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، والحلية.