أخيه عند قبره يبكي ، فذبحوها ، فضرب ببضعة من لحمها (١) القبر ، فقام الشيخ ينفض رأسه (٢) يقول : قتلني ابن أخي ، طال عليه عمري ، فأراد أخذ مالي ، ومات.
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي ، وأبو الوحش الضرير ، وأبو تراب المقرئ ، وأبو محمّد ابن الأكفاني ، وأبو الحسن بن عبد العزيز ، قالوا : أنا الخطيب ، أخبرني ابن رزقويه ، أنا ابن سندي ، أنا الحسن بن علي ، أنا إسماعيل ، أنا إسحاق ، عن عثمان بن الساج عن ثور ، عن مكحول قال :
لما وصف لهم موسى البقرة وجدوها بقرة الفتى ، وقال بعض من سمينا بإسنادهم : إنّما كانت بقرة عند رجل ، وهي بقية بقر كن لأبيه لم يبق منهن غيرها ، فكان يربّيها فلمّا سألوه أن يبيعها أبى أن يبيعها للذبح ، فرفعوا له في الثمن ، والله أعلم ، وقال بعض هؤلاء بإسناده عن وهب : أنهم أتوا الفتى فاشتروها بملء جلدها إذا سلخت ذهبا ، فباعها إيّاهم ، فذبحوها ثم قالوا : قد ذبحناها يا موسى ، قال :
فخذوا عضوا منها فاضربوه به.
قال : وأنا إسحاق ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن قال : أخذوا عضد البقرة ، فضربوا به القتيل ، وقال بعض هؤلاء المسمين منهم عبد الله بن إسماعيل عن أبيه : أنهم أخذوا عضد البقرة فضربوه ، فقام وأوداجه تشخب دما ، فسألوه من قتلك؟ فقال : فلان ، وفلان ، ابنا أخيه ، فمات.
قال : وأنا إسحاق ، عن عبد الرّحمن بن قبيصة ، عن أبيه ـ أو غيره الشك من أبي حذيفة ـ أنهم أعطوه ملء مسكها ذهبا من مال القتيل فاستغلق المال كله ، فحرمهم الله ميراثه ، فجرت به السنّة لا يرث وارث إن قتل ، فقال ابنا أخيه : ما قال أنّا قتلناه ، فأنزل الله على نبيّه محمّد صلىاللهعليهوسلم يخبره ما قالوا وما كان من أمرهم ، فقال : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) فادّارأتم فيها إلى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٣) ، ونزلت فيما قالا : ما قال إنّا قتلناه (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) ـ يعني ـ من بعد ما رأيتم العبرة ، فهي (أَشَدُّ قَسْوَةً)(٤) من الحجارة.
__________________
(١) قيل ضربوا القتيل بلحم فخذها ، وقيل : بالعظم الذي يلي الغضروف ، وقيل بالبضغة التي بين الكتفين ، قاله ابن كثير في البداية والنهاية ١ / ٣٤٣.
(٢) الأصل : «ينفض التراب رأسه» والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٣) سورة البقرة ، الآيتان ٧٢ و٧٣.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٧٤.