عن الضّحّاك ، عن ابن عبّاس قال : فلو أنهم عمدوا إلى بقرة لا صغيرة ولا كبيرة فذبحوها لأجزأت عنهم ، ولكن شددوا على أنفسهم ، فشدّد الله عليهم.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، نا أبو خيثمة ، نا يحيى بن سعيد ، عن ربيعة ابن كلثوم ، حدّثني أبي عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال :
كانت مدينتان في بني إسرائيل إحداهما حصينة ولها أبواب ، والأخرى خربة ، فكان أهل المدينة الحصينة إذا أمسوا أغلقوا أبوابها ، وإذا أصبحوا قاموا على سور المدينة فنظروا هل حدث فيما حولها حدث ، فأصبحوا يوما ، فإذا شيخ قتيل مطروح بأصل مدينتهم ، فأقبل أهل المدينة الخربة فقالوا : قتلتم صاحبنا وابن أخ له شاب يبكي عنده ويقول : قتلتم عمّي ، قالوا : والله ما فتحنا مدينتنا منذ أغلقناها ، وما ندينا من دم صاحبكم هذا بشيء ، فأتوا موسى ، فأوحى الله إلى موسى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ، قالُوا : أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ، قالَ : أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ، قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) حتى بلغ (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ).
قال : وكان في بني إسرائيل غلام شاب يبيع في حانوت له ، وكان له أب شيخ كبير ، فأقبل رجل من بلد آخر يطلب سلعة له عنده ، فأعطاه بها ثمنا فانطلق معه ليفتح حانوته فيعطيه الذي طلب والمفتاح مع أبيه فإذا أبوه نائم في ظل الحائط ، فقال : أيقظه ، فقال : والله إن أبي لنائم كما ترى فإني أكره أن أروّعه من نومه ، فانصرفا ، فأعطاه ضعف ما أعطاه ، فعطف على أبيه ، فإذا هو أشد ما كان نوما ، فقال : أيقظه ، قال : لا والله لا أوقظه أبدا ولا أروّعه من نومته ، قال : فلما انصرف وذهب طالب السلعة استيقظ الشيخ فقال له : ابنه : يا أبتاه ، والله لقد جاءها هنا رجل يطلب سلعة كذا وكذا فكرهت أن أروّعك من نومك ، فلامه الشيخ ، فعوّضه الله من برّه بوالده أن نتجت بقرة (١) من بقره تلك البقرة التي يطلبها بنو إسرائيل ، فأتوه فقالوا : بعناها ، فقال : لا أبيعكموها قالوا : إذا نأخذها منك ، قال : إن غصبتموني سلعتي فأنتم أعلم ، فأتوا موسى فقال : اذهبوا فأرضوه من سلعته ، فقالوا : حكمك ، قال : حكمي أن تضعوا البقرة في كفة الميزان وتضعوا ذهبا صامتا في الكفة الأخرى ، فإذا مال الذهب أخذته قال : ففعلوا ، وأقبلوا بالبقرة حتى أتوا بها إلى قبر الشيخ وهو بين المدينتين ، واجتمع أهل المدينتين ، وابن
__________________
(١) استدركت على هامش م.