لها ، فمضى بالبقرة ، فتعرّض له إبليس ـ لعنه الله ـ ليركبها ويعصي أمّه فأبى ، فلما عصمه الله من معصية أمه عرض له إبليس ليخدعه عنها فيشتريها منه ، فسأله أن يبيعها منه ويعطيه ما سأل ، فأبى ، فجاء بها إلى أمّه ، فقالت : يا بني اذهب بها فبعها ، قال : بكم؟ قالت : بستة دنانير على رضاي ، قال : فقيض الله له ملكا أعطاه بها اثني عشر دينارا على أن لا يستأمر أمه ، فأبى ، فردّها إلى أمّه ، فأخبرها الخبر ، فقالت : اذهب فبعها باثني عشر دينارا على أن تستأمرني فيها ، قال : فانطلق بها إلى السوق ، فجاءه الملك ، فأعطاه أربعة وعشرين على أن لا يستأمر أمّه ، فقال : لو أعطيتني ملء مسكها ذهب ما بعناكها إلّا برضا أمي ، فقال له الملك : إنّك لا تبيعها حتى تعطى ملء مسكها ذهبا لبرّك بأمّك وطواعيتك لها ، ـ ونظر الملك خير للفتى ـ فقال : حتى قتل رجل في بني إسرائيل ، وذلك أنه كان رجلا فيهم كثير المال لم يكن له ولد ، عمد (١) إخوان من بني إسرائيل وهما ابنا أخيه فقتلاه كي يرثانه (٢) ، فألقياه إلى جانب قرية أهلها برآء منه ، فأصبح القتيل بين أظهرهم ، فأخذوا به فعمّي عليهم شأنه ومن قتله ، قال أهل القرية للذين وجدوا القتيل عندهم لموسى : ادع الله يا رسول الله لنا أن يطلعك على قاتل هذا ، قال : أفعل ، ففعل ، قالوا له : ما ذا أجابك ربك؟ قال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)(٣) فتضربوه ببعضها فيعيش فيخبركم من قتله إن شاء الله ، فظنوا أن موسى استهزأ بهم ، (قالُوا) : يا موسى ، (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ، قالَ : أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ، قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ)(٤) ، فدعا ربّه فقال : (إِنَّهُ يَقُولُ : إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ) ـ يعني لا هرمة ولا بكر عوان (بَيْنَ ذلِكَ) يعني نصف بين البكر والهرمة ، (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) ، ثم (قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها؟ قالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ ، فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ [النَّاظِرِينَ)(٥) يعني أنها صفراء الظلف والقرنين (لا شِيَةَ فِيها)(٦) يقول لا وضح فيها](٧)(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا)(٨).
قال : وأنا إسحاق عن عبد الله بن أسد ، عن أبي رجاء الهروي ، عن رجل ، عن جويبر ،
__________________
(١) الأصل : «عمد إلى أخوان» ، والمثبت عن د ، وم ، و «ز».
(٢) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وم : يرثانه ، والوجه : يرثاه.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٦٧.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٦٦ ـ ٦٧.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٦٩.
(٦) سورة البقرة ، الآية : ٧١.
(٧) ما بين معكوفتين مطموس بالأصل من سوء التصوير ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٨) سورة البقرة ، الآية : ٧٠.