نعم ، إنه في هذا الموقف بالذات ظهر للناس جميعا : أنه رغم أمر الله تعالى لهم بأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي «صلىاللهعليهوآله» ، لكي لا تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون ، صاروا يضجون إلى حد أنهم أصموا الناس ، فلا يستطيع أحد أن يسمع من كلامه «صلىاللهعليهوآله» شيئا ، وصاروا يقومون ويقعدون الخ ..
وحمل الناس ، الذين أتوا من كل حي وبلد وقبيلة ، في قلوبهم هذه الذكرى المرة ، معهم إلى بلادهم ، التي يعودون إليها من سفر طويل وشاق ، ويتلهف من يستقبلهم لسؤالهم عما رأوه أو سمعوه من أفضل البشر ، وأكرم الأنبياء «عليهالسلام» ، وأشرف المخلوقات ، لم يره الكثيرون منهم إلا هذه المرة اليتيمة ، وسيموت «صلىاللهعليهوآله» بعدها ، وتبقى ذكراه في قلب هؤلاء كأعز شيء عليهم ، وأثمنه عندهم.
ولا بد أن ينقلوها للناس دائما بحزن ، وأسى ، ومرارة ، وليتضح لهم أمر عجيب وغريب ، وهو : أن صحابة النبي «صلىاللهعليهوآله» لا يوقرون نبيهم الأعظم ، والخاتم ، ولا يحترمونه ، ولا يطيعونه.
٢ ـ غدير خم :
وربما يمكن لهم أن يعتذروا للناس ، وأن يقولوا لهم : لقد حاسبنا أنفسنا ، وندمنا على ما بدر منا ، فإنها كانت هفوة عابرة ، وقد اعتذرنا ، وقبل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عذرنا ..
ثم استجدت أمور قبل وفاته «صلىاللهعليهوآله» أوجبت أن يعدل هو نفسه «صلىاللهعليهوآله» عن موضوع إمامة الأئمة ، فأعاد الأمر