بتبليغه ، ولما انتهى إلى الحديث عن الإمامة والأئمة ، وشرع فيه ، تصدى له الفريق القرشي الطامح ، ليفسد عليه تدبيره ، وليمنعه من القيام بما أمره الله سبحانه ، فصاروا يقومون ويقعدون ، وضجوا إلى حد لم يعد للحاضرين المحيطين به «صلىاللهعليهوآله» مجال لسماع كلامه «صلىاللهعليهوآله».
ولعلهم قد ظنوا أنهم نجحوا فيما أرادوه كما توحي به ظواهر الأمور.
ولكن الحقيقة هي العكس من ذلك تماما .. فإن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان يعلم : أنهم سوف يغتصبون الخلافة على كل حال .. ولكنه يريد أن يعرّف الأجيال إلى يوم القيامة ذلك .. وأن لا يمكّنهم من التشكيك في أحقية أمير المؤمنين علي «عليهالسلام» بها ، وفي النص عليه ونصبه لهذا الأمر من قبل الله ورسوله ..
ولأجل ذلك : فإن الخطة النبوية كانت ترمي إلى التأكيد على هذا الأمر ، وفضح الذين يريدون أن يتخذوا من التظاهر بالدين والتقوى ذريعة إلى مآربهم ..
وقد تحقق ذلك لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» في هذا الموقف بالذات ، في أقدس البقاع ، وأفضل الأزمنة ـ يوم عرفة ـ وهم يؤدون فريضة عظيمة ، وركنا من أركان الشريعة ، وهم محرمون لله تعالى ، يجهرون بتلبية النداء الإلهي «لبيك اللهم لبيك». ويعلنون اعترافهم بوحدانيته «لبيك لا شريك لك لبيك» ، وبمالكيته ، وبنعمته وفواضله «إن الحمد والنعمة لك والملك ..» ويقفون في أحد المشاعر المعظمة ، وحيث لا همّ لهم إلا الدعاء ، والإستغفار ، وطلب الحاجات من الله تعالى .. والإجتهاد في الحصول على رضاه لكي يستجيب لهم ، ويكون معهم.